تعيش منطقة بودا حالة الفوضى التي تعمّ البلاد منذ أواخر عام 2012، حين تحوّل صراع على السلطة إلى اشتباكات بين المسلمين والمسيحيين، دفعت نحو مليون للنزوح عن ديارهم. ويقول المسلمون في بودا إنّ من يتجاوز حدود الجسرين التي أصبحت تمثل الخطّ الفاصل بين الحياة والموت، يُقتل على أيدي مقاتلي ميليشيات مسيحية عازمة على طرد المسلمين من البلاد، رغم انتشار قوات حفظ سلام فرنسية وأفريقية.
وترتفع أعلام فرنسا فوق أكشاك، وتجوب من آن لآخر بضع مدرعات فرنسية شوارع المدينة، التي تبعد 115 كيلومتراً غرب العاصمة بانجي. وعلقت لافتة تمتدح القوات الفرنسية، في ضاحية مسلمة، اعترافاً بفضلها في تخفيف معاناتهم. وأنهت الأزمة حالة الوئام بين المسلمين والأغلبية المسيحية، التي تفاخر بها أفريقيا الوسطى على مدى تاريخها، وأدّت لتحذيرات من إبادة جماعية في المستعمرة الفرنسية السابقة.
ويقول زعيم الميليشيات في بودا، الكابتن دوباني فيرمين، إنّه “يمكننا أن ننتظر عشر سنوات حتى يرحلوا، وإن لم يفعلوا فسنظل مرابطين في موقعنا”، وتابع “لن نقبل بأن نعيش مع المسلمين، على المدى الطويل، يحقّ لنا قتل المسلمين.” وفي مؤشر على تصاعد سيناريو العنف، قتل مسلحون من متمردي سيليكا المسلمين قساً في بلدة باوا الشمالية، وفق ما ذكر مسؤول في كنيسة في بانجي، وذلك بعد يومين من قيام مسلحي سيليكا باختطاف أسقف من بلدة بوسانجاو القريبة لفترة وجيزة.
يقول الخياط المسلم ادو كوني «نعيش في سجن.. كل الطرق مغلقة ولا يدخل الينا اي شيء.. ثمن الطعام باهظ جدا وحياتنا في خطر».
وفرّ جميع المسلمين تقريباً من بانجي، منذ طرد متمردي سيليكا الذين استولوا على السلطة في آذار /مارس 2013، وذكرت الأمم المتحدة أنّ غرب البلاد يشهد عملية تطهير تستهدف المسلمين. ووافق مجلس الأمن الدولي، الشهر الجاري، على تشكيل قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة، قوامها 12 ألف فرد، وسيجري نشرها في أيلول /سبتمبر.
وتقول الأمم المتحدة إنّ أكثر من نصف عدد السكان، البالغ 4.5 مليون، يحتاج مساعدات إنسانية، لكن المانحين قدّموا أقل من 30 في المائة من الإغاثة العاجلة اللازمة، وتُقدّر بـ550 مليون دولار.ويتدفق اللاجئون على الكاميرون المُجاورة، بمعدل عشرة آلاف أسبوعياً، ورغم فشل القوتين الفرنسية والأفريقية في إقرار النظام إلا أنهما ترافقان المسلمين للخروج بأمان، ويذهب معظمهم إلى تشاد المجاورة.
وقال ادم موسى الذي يقدم خدمات صحية في مكتب كان يشغله تجار الذهب والألماس في بودا إن أربعة اشخاص كانوا يتوفون يوميا بسبب سوء التغذية قبل عدة اسابيع وتراجع المعدل إلى حالة وفاة واحدة كل يومين بعد وصول مساعدات من برنامج الاغذية العالمي للمسلمين. وقال «أذهب لزيارة.. الاطفال الذين يعانون من سوء التغذية لا سيما سوء التغذية الشديد وأجد عددا كبيرا بين 200 و300”».
ويتدفق اللاجئون على الكاميرون المجاورة بمعدل عشرة آلاف اسبوعيا. وقال مكتب الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة «يصلون معتلي الصحة ومصابين بطلقات نارية وجروح قطعية».
وذكر المكتب في تقرير له «اضطر الوافدون الجدد للسير وسط الاحراش شهرين أو ثلاثة قبل الوصول للحدود بسبب المتاريس التي تضعها الميليشيات المسلحة على الطرق». وذكرت وكالة اللاجئين التابعة للامم المتحدة الاسبوع الماضي أن الصراع لا يلقى اهتماما وان هناك حاجة لمساعدات لإنقاذ الأرواح وأضافت أن عمليات الانقاذ على شفا الافلاس.