ادت الفضيحة السياسية المالية التي تطال حكومة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان الى انسحاب نائب جديد من معسكر السلطة، فيما تبذل الحكومة جهدها لطمأنة الاسواق حيال التبعات الاقتصادية للازمة. بعد اسبوعين على بدء التحقيق القضائي الذي يطال قمة الدولة التركية اعلن النائب عن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا حسن حامي يلديريم انسحابه منه تنديدا بمحاولات التخويف التي يتعرض لها القضاء والشرطة.
وصرح يلديريم على حسابه على موقع تويتر ان “الضغوط على المدعي معمر اكاش غير مقبولة. لا يمكن اعتبار هذه الضغوط مشروعة في دولة قانون”.
في تصريح علني غير مسبوق كشف القاضي الاسبوع الفائت ان الشرطة القضائية رفضت تنفيذ مذكرات توقيف اصدرها بحق حوالى 30 شخصية اضافية من رجال اعمال ونواب جميعهم من المقربين من السلطة، قبل سحب الملف من يديه. ومع استقالة يلديريم يرتفع الى خمسة عدد نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 2002، الذين انسحبوا من الحزب منذ التوقيفات الاولى التي حصلت قبل اسبوعين واستهدفت مقربين من النظام يشتبه بضلوعهم في عمليات فساد واحتيال.
هذا و أعلن نائب رئيس الحكومة التركية بولنت ارينج أن الفضيحة السياسية المالية التي ضربت حكومة حزب العدالة والتنمية كلفت الاقتصاد التركي أكثر من 100 مليار دولار. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ارينج قوله في تصريح صحفي أدلى به في ختام اجتماع للحكومة التركية: “نحن نتكلم عن خسائر تفوق قيمتها 100 مليار دولار”.
ومنذ بداية العام خسرت العملة التركية اكثر من 15 بالمئة من قيمتها وتأثرت الى حد كبير بالفضيحة السياسية المالية التي تهز اركان حكومة اردوغان وكذلك بقرارات البنك الاحتياطي الفدرالي الاميركي “البنك المركزي” التي تؤثر على الاستثمارات الدولية في اقتصادات الدول الناشئة.
ومنذ كشف الفضيحة، التي تسببت في استقالة ثلاثة وزراء وفي تعديل وزاري واسع، قامت الحكومة الاسلامية المحافظة حملة تطهير في اعلى صفوف الشرطة واقالت بعضا من اكبر موظفيها واستبدلتهم بموظفين مضمون ولائهم لها، كما عينت مدعين جددا للاشراف على الذين يقومون بالتحقيق الجاري.
وبالرغم من ان انسحاب النواب الخمسة لا يهدد الاكثرية التي يملكها حزب العدالة والتنمية في مجلس النواب (320 مقعدا من اصل 550)، الا انه كشف على الملأ الانقسامات في المعسكر الاسلامي المحافظ الذي يحكم البلاد بلا منازع منذ 2002.
وكان نائبان اخران احدهما نجم كرة القدم السابق هاكان شوكور غادرا الحزب الحاكم في وقت سابق هذا الشهر تنديدا بسعي الحكومة الى اغلاق عدد من المدارس الدينية الخاصة التابعة لجماعة الداعية فتح الله غولن.
واثار هذا القرار معركة مفتوحة بين الحكومة وجماعة غولن التي كانت لفترة طويلة حليفة لحزب العدالة والتنمية.
واتهم اردوغان هذه الجماعة ذات النفوذ الواسع في صفوف الشرطة والقضاء بالمسؤولية عن “المؤامرة” التي ترمي من خلال التحقيق الى الحاق الضرر بحكومته وبالبلاد برمتها.
ويندد اردوغان منذ ايام “بالمؤامرة…الاجرامية” ويؤكد انه سيخرج منها منتصرا على غرار ما حصل اثر موجة الاحتجاجات التي هزت حكومته في حزيران/يونيو الفائت وتمركزت في حديقة جيزي في وسط اسطنبول.
واكد نائب رئيس وزرائه لشؤون الاقتصاد علي باباجان عبر التلفزيون “انها محاولة انقلاب مصغر”. وتابع “اننا نسيطر جيدا على الاوضاع…يجب الا يشك احد على الاطلاق باننا سنخرج منتصرين من كل هذه” المسألة.
وفي اعقاب تدهور العملة والبورصة في تركيا في الاسبوع الفائت سعى باباجان الى طمأنة الاسواق حيال التبعات الاقتصادية للازمة الجارية مؤكدا توقعه نموا بنسبة 4% في العام 2014.
لكن ارتفاع الليرة التركية وبورصة اسطنبول الذي سجل الاثنين كان قصير الامد اذ ان الليرة التي بلغت 2,1239 مقابل الدولار الاثنين عادت الى الانخفاض الثلاثاء لتغلق على 2,1475 للدولار. كما اغلق المؤشر الرئيسي لبورصة اسطنبول على انخفاض بنسبة 0,27% بعد ان اغلق الاثنين على ارتفاع كبير بلغ 6,42%.
بالرغم من هذه الضمانات اقر عدد من رؤساء الشركات الاتراك او العاملين في تركيا انهم يتابعون الاتهامات بالفساد والغش التي يلاحقها القضاء “بقلق”. وبعد تجمع مساء الجمعة شهد مواجهات مع الشرطة، بدأ معارضو اردوغان الثلاثاء شكلا جديدا من الاحتجاج.
فقد نزل مئات المتظاهرين الى محطات المترو في اسطنبول وانقرة وازمير (غرب) مستغلين اعمال العنف التي تعرض لها شاب في مترو اسطنبول للتنديد بفساد الحكومة هاتفين “الشعب سيحاسب اللصوص”.
وكالات