أصدرت محكمة الجنايات في الجزائر ،14 حكماً بالسجن وغرامات مالية طالت سبع شركات أجنبية في قضية فساد تتعلق بطريق يربط شرق البلاد بغربها. وخلال إسبوعين من المحاكمة وخمسة أيام من المداولات نظرت المحكمة المشكلة من ثلاثة قضاة واثنين من المحلفين في تهم “تكوين جماعة أشرار وتبييض الأموال وتبديد المال العام”، الموجهة إلى 16 شخصاً حكم على اثنين منهما بالبراءة.وخلال الجلسات، برز اسم وزير الأشغال السابق وزير النقل الحالي عمار غول، إضافة إلى وزير الخارجية الأسبق محمد بجاوي على أنهما حصلا على رشى.
ودانت المحكمة المتهمين الرئيسيين بعشر سنوات سجناً نافذة، وهما المستشار المالي شاني مجدوب الذي يحمل جنسية لوكسمبورغ، إلى جانب جنسيته الجزائرية، والموظف الرفيع في وزارة الأشغال محمد خلادي.كما غرمت المحكمة المتهمين بـ(33600 دولار) وأمر القاضي بمصادرة كل أملاكهما المنقولة وغير المنقولة.
وقبض على مجدوب في 2009 من طرف الشرطة القضائية التابعة لجهاز الاستخبارات والتي اتهمها خلال المحاكمة بسجنه في مكان سري وتعذيبه.
وقررت المحكمة غرامة مالية قيمتها 5 ملايين دينار (56 ألف دولار) على سبع شركات أجنبية هي “سيتيك سي.أر.سي.سي” الصينية “كوجال” اليابانية و”بيزاروتي” الإيطالية و”كارافانتا” السويسرية والمجموعة الإسبانية “إزولوكس كورسان” والكندية “اس امي أي” والشركة البرتغالية “كوبا”.
وأدانت المحكمة موظفاً في وزارة الأشغال ورجل أعمال بالسجن سبع سنوات، بينما أدين عقيد سابق في الاستخبارات كان يعمل في وزارة العدل، بالسجن ثلاث سنوات بتهم استغلال وظيفته وتلقي رشى وهدايا غير مبررة.وكان الرئيس بوتفليقة أعلن عن مشروع الطريق السيار الذي يربط شرق البلاد بغربها بمسافة 1200 كيلومتر في الحملة الانتخابية لولايته الثانية في العام 2004.وانطلق المشروع في العام 2006 على أن ينتهي بعد أربع سنوات بقيمة أولية فاقت ستة مليارات دولار. لكن بعد تسع سنوات، لم يكتمل المشروع وارتفعت كلفته إلى أكثر من 13 مليار دولار بحسب التقديرات الرسمية، بينما أشارت مصادر أخرى إلى 17 مليار دولار.
وتحدثت الصحف عن حجم الرشى التي دفعتها الشركات الفائزة بالصفقة البالغ نحو خمسة مليارات دولار من أجل انجاز “مشروع القرن” الذي تحول إلى “فضيحة القرن”.وكانت المحكمة استمعت لشهادة مكتوبة للوزير غول الذي نفى “وجود أي تلاعبات في مشروع الطريق السيار كما ادعى المتهم خلادي”.
وكان خلادي أفاد، خلال المحاكمة، بأن الوزير تلقى ربع أموال الرشى التي دفعتها الشركات الأجنبية للحصول على صفقات.وفي البليدة التي تبعد مسافة 50 كيلومتراً تجري محاكمة رجل الأعمال رفيق عبد المومن خليفة، صاحب مجمع الخليفة الذي انهار في العام 2003 مسبباً خسائر بين 1,5 مليار و5 مليارات دولار للدولة وزبائن أحد المصارف.
وفي السادس من حزيران تجرى محاكمة فساد أخرى تخص المجمع النفطي الحكومي “سوناطراك” الذي يبلغ حجم أعماله سنوياً أكثر من 60 مليار دولار.وفي قفص الاتهام شركتا “سايبيم” الايطالية و”فانفورك” الألمانية والمدير التنفيذي السابق للمجمع محمد مزبان.
وما يزال التحقيق جارياً في ما يعرف بـ “قضية سوناطراك 2” التي تورط فيها وزير الطاقة السابق شكيب خليل المقرب من بوتفليقة والمقيم حالياً في الولايات المتحدة مع زوجته وأولاده.وازدادت قضايا الفساد بفعل مداخيل النفط في الأعوام الماضية، وأصبحت تمس بالإضافة إلى الموظفين، أعضاء في المجالس المحلية المنتخبة. وبحسب صحيفة “الخبر” فإن ألف موظف وألف منتخب متابعون حالياً أمام المحاكم.