لم يستيقظ العالم بعد من صدمة خبر العثور على جثة ما يقارب الـ 800 طفل في قبر جماعي في باحة ميتم تابع للكنيسة الكاثوليكية الايرلندية، حتى جاءت الاخبار الاسوأ. فوفق بعض التقارير الاخبارية وبالاضافة لما ذكر سابقا عن ان الوفيات الجماعية هذه جاءت نتيجة سوء التغذية والتشوهات، فان الميتم هذا بالاضافة الى منازل اخرى تابعة للكنيسة قاموا بتحويل اليتامى الى فئران تجارب للقاحات وادوية كانت تنتجها شركة الادوية Burroughs Wellcome من الفترة الممتدة من 1930 الى العام 1936. ولعل هذه الاخبار توضح سبب التشوهات العديدة وحالات الولادات المبكرة التي ادت الى وفاة الاطفال والرضع.
ووفق الباحث مايكل دوير فانه اكتشف هذا الامر بعد ان اطلع على الاف الوثائق حول اللقاحات التي سجلت في سجلات المنازل هذه. الا انه يؤكد انه لا يوجد اي وثيقة تشير الى موافقة اي من المسؤولين عن هؤلاء الاطفال او حتى وثيقة حكومية تشير الى الموافقة على هذا الامر. الا ان ذلك لا يعني انه تم من دون موافقتها لان شركة الادوية المعنية ايضا عملت على عدم ابقاء اي وثيقة تشير الى ما كان يحصل خلال تلك الفترة. الا ان واقع نشر نتائج تجربة هذه اللقاحات في ارفع المجلات الطبية يدلل الى ان التجارب على البشر كانت مقبولة حينها.
ويقول انه عدد كبير من اللقاحات كان يتم تجربتها على الاطفال في ايرلندا قبل طرحها تجاريا في بريطانيا وحتى ان وثائق قليلة تدلل ان اللقاحات التي كانت تنتج للحيوانات كان يتم تجربتها احيانا على الاطفال ايضا.
مقبرة جماعية لـ 800 طفل
وكانت الكنيسة الكاثوليكية في ايرلندا قد ابلغت مؤسسة راهبات كانت تدير منزلا عثر فيه على قبر جماعي يضم نحو 800 طفل بضرورة التعاون مع أي تحقيق في الامر. وتبحث ايرلندا إجراء تحقيق فيما وصفته الحكومة بأنه اكتشاف “مثير للقلق للغاية” لقبر في منزل كانت تديره مؤسسة راهبات المعونة الطيبة حيث توفي نحو 796 طفلا في الفترة بين 1925 و1961.
وقالت الاسقفية انها لم تكن لها أي علاقة بادارة المنزل لكنها روعت وسادها الحزن عندما علمت بعدد الاطفال الذين دفنوا في منزل تديره الكنيسة. وقال كبير الاساقفة مايكل نيري “لا يسعني سوى ان اتخيل مشاعر الحزن العميق التي شعرت بها الامهات نتيجة لتخليهن عن اطفالهن للتبني أو لمشاهدة وفاتهم. مشاعر الالم والانكسار التي تحملنها تتجاوز قدرتنا على الاستيعاب.”
وأضاف “بغض النظر عن المدة التي انقضت في هذا الامر فإن القلق العام الشديد يقتضي إتخاذ إجراء على وجه السرعة.”
ووفق الباحثة كاثرين كورليس التي لها الفضل بكشف هذه المقبرة الجماعية فان غالبية الاطفال الذي عثر عليهم في المقبرة الجماعية اما رضع او في سنواتهم الاولى وقد توفوا بسبب المرض او سوء التغذية او الولادات المبكرة او الشوهات الخلفية.
ووفق السجلات فانه في العام 1944 رصدت الحكومة وفق تقرير اعدته عن الميتم 271 حالة سوء تغذية لدى الاطفال و61 والدة عازبة. ومن المعروف بانه بتلك الفترة كانت الامهات العازبات يتم دفنهن دون اي اشارة او طقس ديني.. فهن كان «الحثالة» التي ترمى في حفر بالارض حيث لا اشارة ولا صلاة.
وفق بعض السكان المحليين الذين عايشوا تلك الفترة فان الاطفال اليتامى كانوا يذهبون الى المدرسة لكن كان يتم فصلهم عن بقية الاطفال حتى يتم تبنيهم او نقلهم حين يبلغون السابعة او الثامنة الى مكان اخر تابع للكنيسة حيث تبدأ رحلة العمل دون مقابل والاستغلال وسوء المعاملة. وأي طفل انجبته والدته خارج اطار الزواج فانه كان يحرم من التعميد كما كان محروم ولو توفي بسن مبكرة من الدفن وفق شعائر الكنيسة.
المقبرة الجماعية هذه تم اكتشافها عام 1975، لكن السكان اعتقدوا انها تعود لجثث قضت في نزاعات الستينيات، وهكذا قاموا بزرع العشب والورود ووضعوا صورة للعذراء مريم فوق المقبرة، الا ان ابحاث كورليس كشفت الحقيقة المروعة التي دفنت مع جثث مئات الاطفال. الحكومة الايرلندية رفضت التعليق على الموضوع، الا انها ومنذ مدة تقوم بتحقيقات موسعة حول اساءة معاملة الاطفال اليتامى واستغلالهم في مؤسسات تابعة الكنيسة والتي تم اغلاق واحدة منها عام 1990.
البحار نت