هل يمكن الاحتيال على الموت؟ وهل ستتحق نظرية البعض بان العلم سيتمكن يوما ما من اعادة احياء الموتى؟ نظرية يؤمن بها ماكس مور المدير التنفيذي لشركة ألكور ، واحدة من كبرى الشركات المتخصصة بتجميد الاعضاء في العالم. ومور شخصيا هو احد عملاء هذه الشركة منذ عام 1986 وقد قرر اختيار عملية الحفظ العصبي أي تجميد الدماغ وحسب وليس حفظ الجثة بأكملها.
ويقول مور: “أعتقد أن المستقبل سيكون مكانا لائقا جدا لكي أعيش فيه، وأريد الاستمرار في العيش والاستمتاع والإنتاج.” وتعتبر عملية حفظ الموتى بالتجميد على أمل التوصل لعلاج لأمراضهم المستعصية، والتي تعرف باسم “كرايونيكس”، عملية مثيرة بالنسبة لمجتمع المولعين بالمستقبل. والافتراض العام لهذه العملية بسيط جدا، ومفاده أن الطب يحرز تقدما كل يوم، وأن أولئك الذين يموتون اليوم ربما يمكن شفاؤهم في المستقبل.
ويعد الحفظ بالتجميد وسيلة لسد الهوة بين طب اليوم وطب الغد. ويقول مور: “نعتبر هذه العملية امتدادا لطب الحالات الطارئة”. الا ان هذه النظرية لا تجد عمليا ما يدعمها، علميا، اذ انه لم تسجل اي محاولة لاي عالم لاعادة شخص للحياة بعد حفظ جثته، رغم ان بعض الباحثين اعتمدوا تبريد بعض الاشخاص لانعاشهم في وقت لاحق. لكن اعادة احياء جثة شخص تم تجميدها لعقول تبدو اشبه بفيلم خيال علمي.
ويشير مور إلى دراسات أخرى أجرى فيها بعض العلماء عمليات لحفظ الخلايا والأنسجة، ويؤكد أن وصول عمليات مثل هذه إلى درجة حفظ جثة بالكامل ليس افتراضا هينا.
وللشركة عملاء حول العالم، وهم من الاشخاص الذين يعانون من مشاكل صحة كبيرة وحين يحين موعد الوفاة تقوم الشركة بارسال “فريق الاستعداد” بهدف بدء المهمة. ويبقى الفريق إلى جانب سرير المريض إلى أن يتوفى.
وعند إعلان وفاة المريض رسميا، يمكن لعملية الحفظ أن تبدأ. ينقل المريض أولا من سرير المستشفى إلى سرير من الجليد، ويغطى بالثلج الممزوج بالماء. ثم يستخدم فريق ألكور جهازا لإنعاش القلب والرئتين لجعل الدم يتدفق في الجثة مجددا. ثم يستخدم الفريق 16 نوعا مختلفا من الأدوية التي من شأنها الحفاظ على الخلايا من التلف بعد الموت. وبعد الانتهاء من تلك المرحلة، ينقل الفريق الجثة إلى مكان آخر لإجراء الجراحة.
وتتضمن الخطوة التالية تصفية جثة الميت من أكبر قدر ممكن من الدم والسوائل، واستبدال ذلك بمحلول يمنع تكون كتل ثلجية داخل الجسم. وبما أن الجثة ستتجمد، فإن معظم العمل التحضيري ينصب على تلك الخطوة لضمان عدم تشكل العديد من كتل الثلج داخل خلايا الجثة. وعندما تمتلئ الشرايين بذلك المحلول، يمكن لفريق شركة ألكور البدء في عملية التبريد بمعدل درجة مئوية واحدة كل ساعة، حتى تصل درجة حرارة الجثة في النهاية إلى 196 درجة تحت الصفر بعد حوالي أسبوعين. وفي نهاية المطاف، توضع الجثة في مثواها الأخير إلى جانب ثلاث جثث أخرى في أغلب الأحيان.
لكن الامور لا تجري عادة بهذه السلاسة خصوصا في حالات الانتحار اذ يمنع الفريق من الوصول للجثة ناهيك عن الوفاة المفاجئة او تاخر العميل بابلاغ الشركة بمدى تدهور حالته الصحية ما يعني تلف المزيد من الخلايا ما يجعل عملية الانعاش اكثر صعوبة.
وفي الوقت الراهن، هناك 984 شخصا مسجلون بالفعل لدى شركة ألكور لحفظ جثثهم بعد الموت. ويدفع أولئك الأعضاء في ألكور رسوم عضوية تقدر بـ 770 دولارا سنويا لكل عضو. وعندما يحين الوقت فعلا لحفظ جثة شخص منهم، فإن تكاليف ذلك تتراوح ما بين 80 ألف دولار لحفظ الدماغ فقط، و 200 ألف دولار لحفظ الجسد كاملا.
ويقول مور إن بعض تلك الأموال يذهب إلى صندوق لرعاية المرضى من أجل الحفاظ على استمرارية عمل الأجهزة، والحفاظ على الجثث المحفوظة لأطول فترة ممكنة.ويشير إلى أن بعض المرضى يحصلون على وثيقة تأمين على الحياة تشمل تكاليف تجميدهم في نهاية المطاف. ويقول : “إنها ليست للأغنياء فقط، فأي شخص بإمكانه شراء وثيقة تأمين إن كان بمقدوره دفع رسومها.”
بي بي سي -وكالات