إختتم مؤتمر الطاقة الإغترابية بنسخته السادسة بزيارة الوفود المشاركة لبيت المغترب اللبناني في البترون، حيث بيوت اللبنانيين المنتشرين في البرازيل والولايات المتحدة الأميركية والإمارات العربية المتحدة وغيرها، فضلاً عن متحف المغترب.
وبعد كلمة لرئيس بلدية البترون مارسلينو الحرك، قال وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل: «أهلاً وسهلاً بكم جميعا في مدينتي، في مدينتكم، البترون. أكيد يحق لكثيرين منكم أن يتساءلوا: لماذا بيت المغترب في البترون؟ الجواب بسيط جداً: المرء يجمع من يحبهم عادة، هذه مدينتي أحبها وأنتم أحبكم لذلك أحببت أن أجمعكم فيها، وأدعو كل من يحب مدينته أو قريته الى أن يحذو حذوي، فيبني بيت إغتراب في مدينته أو قريته، ومن المؤكد أنه يستطيع أن يفعل ذلك، ويجب أن يكون هدفنا بناء بيوت إغتراب في كل بلدة ومدينة لبنانية. لكن المسألة تقف عند قرار يتخذه من يشاء منكم، في مدينته أو في بلدته، وعليه أن يعرف أنه سيتحمل قليلاً وسيتعب قليلاً. فقد مضى علينا هنا خمس سنوات ولا نستطيع أن نقول أننا إنتهينا بعد، وهنا الأهم”.
أضاف: «هذا دليل على ما يمكن للمنتشرين أن يقوموا به في بلدهم. فالشكر للدولة اللبنانية وللبلدية وللمنتشرين الذين مولوا بناء هذه البيوت. هذا المشروع دليل على كل ما يمكن للمنتشرين أن يقوموا به عندما يتوفر المشروع. أبناء البترون الطيبون تخلوا عن منازل يملكونها لتصبح في تصرف المنتشرين. إنه نموذج يمكن أن نطبقه في جميع المشاريع الإنمائية في لبنان، من كهرباء وطرقات وغيرها. التحدي الأكبر هو أن ننجح في إحياء هذه المنازل بالبرامج والتبادل الثقافي والإجتماعي والفني. المهم أن نحسن إدارة هذه المنازل كملتقى للمنتشرين. بدأنا هذا الحلم قبل خمس سنوات، اليوم نفتتح المتحف وكذلك أكثر من بيت. ستشاهدون كم أن لبنان غني بتراثه، وأعدكم بأننا سنبني معاً بيوتاً للإغتراب في مناطق أخرى من لبنان».
وختم: “هذا هو لبنان الذي ورثناه ونعيد إحياءه، هذا هو لبنان الذي نحنا وإياكم سنحافظ عليه ليجدد نفسه ويكتب تاريخه ويراكم الحضارة، وسيكتب التاريخ أن المنتشرين يعمرون بلدهم ويساهمون في بناء مستقبله».
وقد تم إفتتاح المعرض الأول للإنتشار اللبناني في المتحف، ثم إنتقل الجميع الى ميناء البترون لإمضاء سهرة تراثية.
فعاليات اليوم الثاني
ركزّت الجلسة الأولى لليوم الثاني، على الشركات الناشئة عبر منح رواد الأعمال الشباب فرصة مشاركة مشاريعهم الناشئة. شارك فيها وزير الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات عادل أفيوني والنائب نقولا صحناوي ورئيس مجلس الادارة المدير العام لشركة ألفا مروان الحايك. ودارت حول مستقبل الشباب ومحوره التكنولوجي، إذ اعتبر أفيوني أنّ شبابنا أثبت مهاراته في كلّ البلدان الأجنبية، أما في لبنان، فأشار إلى أنّ «قطاع الأعمال والشركات الناشئة أبهرت بمدى ديناميكية هذا القطاع، خصوصا الجهود وما بذله المصرف المركزي من خلال التعميم رقم 331». كما أعلن أنّه «قدّم في الموازنة الجديدة تعديلاً جديداً يسمح للشركات الجديدة والمؤهلة أن تحظى في أول سنتين لها بدعم وتغطية لكلفة التوظيف من شركة إيدال، وهذا الاقتراح بانتظار موافقة مجلس النواب عليه».
وأكد أفيوني على «أهمية خلق بيئة تنافسية لتبقى المهارات في لبنان والعمل بشكل خاص لجعل تكنولوجيا المعلومات أبسط وأسهل»، لافتاً الى أنه «علينا أن نعمل لتشجيع الشركات على التصدير وإقناع تلك في الخارج بأنّ لبنان منصة مهمة للأعمال ويمكنها الإفادة فيه من المهارات والبنى التحتية». من جهته، رأى صحناوي «أنّ من يعيش في الخارج يعرف مدى أهمية اقتصاد المعرفة»، متحدثاً عن «ركائز قد تكون صغيرة إنما أثرها عالٍ، ويمكنها أن تعزّز الاقتصاد، مثل فتح المجال في سيليكون فالي للنظام التكنولوجي اللبناني، ما يعتبر قيمة مضافة للبنان»، مؤكداً «أهمية مواكبة لبنان للتطور التكنولوجي ليتمكن من لعب دوره في هذا المجال».
أما الحايك، فذكّر أنّ «ألفا» وصلت إلى المراحل النهائية في مشروع الجيل الخامس، وستكون جاهزة بنسبة 80 في المئة لإطلاق هذه التكنولوجيا نهاية العام أو مع بداية العام 2020، مؤكداً أنّها ستُساهم في نمو الناتج المحلي بشكل هائل في السنوات العشر إلى الـ 15 المقبلة، حيث أنّ 10 في المئة من النمو الإجمالي ستكون مصدره تكنولوجيا الجيل الخامس، أي ستنتج ما يعادل ملياري دولار». وعن الدعم الذي تقدّمه للشركات الناشئة عبر الصندوق الاستثماري MIC Ventures، لفت الحايك الى أنّ «مجموع الإستثمارات وصل الى 3 ملايين دولار حتى الآن في ثلاث شركات ناشئة، ونحن في صدد تخصيص إستثمارات أخرى بقيمة 4 ملايين دولار في الأشهر المقبلة».
المرأة لم ولن تُنسى
للمرأة دور في كلّ المجالات حول العالم أيضاً، وتقديراً لجهودها ودعماً لمشاريعها المستقبلية، نظمت وزارة الدولة لشؤون التمكين الإقتصادي للنساء والشباب، ورشة عمل بعنوان «النساء والشباب اللبنانيين: قوة التغيير»، إفتتحتها كل من وزيرة الدولة لشؤون التمكين الإقتصادي للنساء والشباب فيوليت خيرالله الصفدي ورئيس الجامعة اللبنانية – الأميركية الدكتور جوزف جبرا.
وأشارت الصفدي إلى أنّ «لبنان يحتل المرتبة 135 في مؤشر التمكين السياسي، الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، إذ أنّ 5 في المئة فقط من النساء في لبنان، عضوات في البرلمان اللبناني»، لافتة إلى أنّ «الدخل بين الجنسين غير متساوٍ، لأنه مقابل كلّ دولار يجنيه الرجل، تجني المرأة 25 سنتاً في مجال العمل عينه»، مؤكدةً على دعم «الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، التي تعمل على قضية منح المرأة اللبنانية الجنسية لأطفالها، ولا زلنا نتناقش حيال هذا الحق الإنساني الأولي، في حين تطول لائحة التمييز حيال المرأة». واعتبرت أنّ «وضع الشباب في لبنان مقلق، فالإحصاءات حول نسب البطالة تشير إلى 18 في المئة، يرافقها هجرة الأدمغة، للبحث عن عمل في الخارج وأن 45% من الشباب المهاجرين، هم من خرّيجي الجامعات، مما يؤكد وجود أزمة استنزاف للأدمغة في البلاد».
من جهته، أشار جبرا إلى أنّ «الهدف من مشاركة الجامعة في ورشة العمل هذه هي المساهمة إيجاباً، في بناء مجتمع قيم للجميع»، متحدثاً عن «تاريخ الجامعة الذي انطلق في لبنان عام 1935، من أجل تعليم النساء في لبنان والمنطقة، وسعى إلى الحفاظ على المساواة بين الجنسين، من خلال خلق معاهد للنساء ومراكز أبحاث، فضلاً عن خلق مركز للتواصل للنساء من حول العالم، اللواتي يرغبن بمعرفة وضع النساء في لبنان والمنطقة»، معتبراً أن «السبب الأبرز للمشاركة، هو مناصرة تغيير القوانين في لبنان من أجل تأمين المساواة بين الجنسين”، لافتا إلى أنّ “نسبة النساء في كلية الهندسة في الجامعة الأميركية اللبنانية، تصل إلى 50 في المئة».
وفي نهاية الورشة، تحدث نحو 25 مشاركاً، عن تجاربهم المهنية في مجالات عملهم واختصاصاتهم، فضلاً عن طموحاتهم المستقبلية للبنان، وكيفية مساهمتهم في إيجاد حلول للشباب في لبنان وفي الهجرة. وأكد المجتمعون على:
1- إنشاء منصّة تجمع بين المرشدين من رجال أعمال لبنانيين مغتربين والشباب في لبنان. حيث يمكن تحقيق ذلك وتنفيذه من طريق الوزارات المعنية.
2- تعديل التشريعات والقوانين اللبنانية، التي يمكن أن تساعد في الحدّ من التمييز بين الجنسين، وضمان التنفيذ السليم والفعال لذلك.
3- إعطاء الأولوية للقضايا المتعلّقة بالمرأة والمساواة بين الجنسين، وحضّ صنّاع القرار والمسؤولين المعنيين على الدفاع عنها.
4- تشجيع الشركات الناشئة ومراكز الابتكار، وتشجيع روح الابتكار والإبداع بين الشباب، من أجل مواكبة التغيّرات السريعة، التي تحدث على مستوى العالم.
5- تعزيز التنسيق مع وسائل الإعلام من أجل تغيير الصورة النمطية للنساء، من أجل الحضّ على تغيير الذهنية السائدة في المجتمع.
6- إجراء دراسة لسوق العمل اللبناني، من أجل تحديد متطلباته، والملاءمة بين مهارات الشباب اللبنانيين وفرص العمل المتاحة.
7- تشجيع المدارس والجامعات والبلديات وكلّ الجهات المعنية في لبنان، على إنشاء أندية للشباب ونشر التوعية على قضايا تتعلق بالعمل الجماعي والقيادة وتعزيز المهارات والإدماج وبناء القدرات.
8- خلق منصّتين: الأولى موجّهة للنساء والأخرى للشباب، للترويج لاجتماعات دورية، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو تبادل الخبرات والمعرفة وجها للوجه.
9- إشراك مزيد من الشباب في مراكز القرار.
أما أهم ما شهده، فكان ورشة عمل حملت عنوان «اسأل الحكومة» والتي تمكّن من خلالها المغتربون التعبير عن مشكلاتهم وسؤال المسؤولين عن العراقيل التي تواجههم وتمنعهم من إكمال أعمالهم في لبنان إن وُجدت، إضافة إلى المشكلات التي يعانونها في مجال الاتصال ببلدهم الأم من الناحية الاجتماعية والسياسية والتكنولوجية على السواء. وشاركت فيها الصفدي، إلى جانب باسيل وأفيوني ووزير الاقتصاد منصور بطيش ووزير السياحية أواديس كيدانيان.
رئيس الجمهورية التقى عدداً من الشخصيات المشاركة في مؤتمر الطاقة
إستقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عدداً من الشخصيات المشاركة في «مؤتمر الطاقة الاغترابية» ومنهم رئيس وزراء مقاطعة نوفا سكوتشا الكندية ستفن ماكنيل . وكان اللقاء مناسبة رحب فيها بالرئيس ماكنيل واعضاء الوفد المرافق، معربا عن سعادته لمشاركتهم في مؤتمر الطاقة الاغترابية، مشيرا الى ان «المؤتمر فرصة ايضا لهم للتعرف اكثر على لبنان».
واعتبر ان «اللبنانيين يتمتعون بثقافة واسعة، وهم يعرفون سبل الاندماج في مختلف الثقافات والحضارات»، مشيرا الى انهم يبقون في الوقت نفسه متمسكين بانتمائهم إلى لبنان بقدر اندماجهم بمجتمعات الدول المضيفة لهم، والتي تعطيهم فرصا كبرى للعمل، مثل كندا.
ورد الرئيس ماكنيل شاكرا للرئيس عون حفاوة الاستقبال، ومقدرا الاهتمام الذي حظي به والوفد المرافق منذ وصولهم الى لبنان، مشيرا الى «ان ثمة وزيرتين لبنانيتين من ضمن الحكومة التي يرأسها: الاولى من مواليد الديمان والثانية من هاليفاكس لكن قلبيهما متعلقان بلبنان».
كما التقى رئيس الجمهورية النائب في البرلمان السويدي من اصل لبناني روجيه حداد، وبحثا في أوضاع الجالية اللبنانية في السويد وآفاق العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل توطيدها. واستقبل وفدا برازيليا برئاسة عضو مجلس الشيوخ ورئيس لجنة العلاقات الخارجية والدفاع الوطني في المجلس السيناتور نيلسون طراد فيلهو ، ضم عددا من الوزراء والنواب البرازيليين المتحدرين من اصل لبناني.