غصّت دارة الراحل عدنان بك الأسعد في بلدة العاقبية الزهراني بحشدٍ من الشخصيات ورؤساء البلديات والمخاتير والوفود الشعبية، للمشاركة في الاحتفال الذي أقامه الأمين العام للتيار الأسعدي المحامي معن الاسعد في الذكرى السنوية الثانية لرحيل والده، وفي حضور لفيف من علماء الدين، يتقدمهم المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الذي قال: زنفتقد رجلاً عزيزاً من بيوتات عزيزة كريمة، ووصية المرحوم عدنان بك الأسعد أن تبقى هذه البيوتات مفتوحة أمام أهلها وناسها والمحافظة على التقاليد والقيم الأخلاقية. وأملنا كبير في أبناء هذا الجيل، ونسأل الله أن يوفقهم جميعاً ويوفق الأستاذ معن الأسعد لخدمة الشأن العام لما يرضي الله. وأكد المفتي قبلان على أهمية التلاقي والحوار لأنهما السبيل للخروج من المأزق والأزمات التي تعصف في هذا البلد لأنه لا يمكن أن ينتصر فريق في لبنان ويخسر آخر. إما أن ينتصر لبنان بكل أفرقائه أو يهزم ويهزمون.
الأسعد
وألقى المحامي معن الأسعد كلمة قال فيها:
عامان بالتمام والكمال على رحيل بدر بني وائل، عامان تعلمت خلالهما من عدنان الأسعد وعن عدنان الأسعد أكثر بكثير مما تلقنته منه خلال حياته. فكم عظيم هو العزاء لسماع سيرة عدنان الأسعد العطرة التي ما انفكت تتناقلها ألسنة الأصدقاء والمحبين.
تواضعٌ لأقصى الحدود مع المظلوم وطالب الحاجة يتزامن مع عنفوان هادر بوجه كل جبار ظالم، إنسان لم يساوم يوماً على مبادئه وقناعاته، ولم يرضخ لأي تهديد أو إغراء.
رجل كان له الكثير من الصولات والجولات في العمل الاجتماعي والسياسي، ولم يكن له عدواً واحداً يكمن له أو يحقد عليه.
عدنان الأسعد الذي فرضت أخلاقه الحميدة ولسانه الدافئ واجب احترامه على خصومه قبل أصدقائه.
نحن لا نحيي اليوم ذكرى رحيل إنسان فقدناه، بل نحتفل سنوياً باستمرار نهجه والمحافظة على مبادئ الشرف والكرامة والأخلاق الحميدة والبيوت المفتوحة، التي استقاها عدنان الأسعد من نهج تاريخ عائلته خلال وجودهم زهاء ألف عام في جبل عامل، واتّبعها وحافظ عليها حتى آخر رمق من حياته.
إذا لم تدفنوا حبة القمح فلن تنبت السنبلة، ويوم وفاة عدنان الأسعد هو شرارة انطلاق التيار الأسعدي، وهو ليس حالة جديدة تم تأسيسها على الساحة اللبنانية، إنه استنهاض لحالة لا يمكن لأي كان تجاوز دورها على الساحة اللبنانية بشكل عام والجنوبية بشكل خاص خلال قرون عديدة من تحمّل بني وائل لعبء المسؤولية، رسخوا خلالها مبادئ التضحية والشرف والوطنية ضمن مفهوم الزعامة، ورفعوا خلال العامين المنصرفين العديد من الشعارات والمواقف، وأعلنوا عن ثوابت وطنية وقومية نلتزم بها بكل وضوح.
ونقولها للجميع وعلى الملأ أنه لا وجود لأي حراك أسعدي على الساحة اللبنانية إلا التيار الأسعدي، وإن المبادئ والثوابت التي نادى بها هذا التيار ليست جديدة على أحد، فلقد لقننا إياها أجدادنا وسنشربها لأولادنا، ونحن لا نقبل بالاستزلام لأي كان، ولا نقبل بشراء ذممنا وضمائرنا.
إن منهاجنا واضح وسنختصره بقسمين:
أولاً: في الثوابت القومية العامة:
نعود ونكرر للجميع بأن التيار يرفع عالياً ويتبنى شعار الثالوث المقدس، أي الجيش والشعب والمقاومة يداً واحدة لمحاربة الاحتلال الاسرائيلي، ونأمل من شركائنا في الوطن أن يفهموا جيداً بأن صراعنا مع هذه الطغمة الخبيثة المسماة اسرائيل هو صراع وجود وليس صراع حدود.
قوميون عرب
فنحن قوميون عرباً، ولا نرضى بغير ذلك، ولا نرتضي أن نكون تابعين لسوريا، نحن نعشق أن نكون حلفاء لها.
وسوريا أصبحت رمزاً وطنياً لكل وطني عروبي إسلامي مقاوم، فهل يمكن أن نرتضي بتقسيم سوريا وتفتيتها الى دويلات مذهبية كريهة؟
نحن بني وائل، قبلة العرب، فهل يمكن أن نقف صامتين أمام المؤامرة الكونية التي تواجهها سوريا العروبة؟ أبداً.
ثانياً: في الثوابت الداخلية:
تقاطع مبادؤنا مع شركائنا في الوطن، لا يمكن أن يلغي اختلافنا مع أحبائنا على الساحة الداخلية، فبادئ ذي بدء، نحن نتقبل قاعدة الأكثرية والاقلية ونلتزم بنتائجها السياسية.
إن المواطن في الجنوب وعكار والبقاع والجبل وحتى في بيروت يئن تحت وهن الوضع الاقتصادي المتردي يوماً بعد يوم، فسادٌ مستشرٍ، وصفقات مشبوهة، وفضائح بالجملة وصلت الى غش لقمة عيش المواطن وطبابته، انقطاع مستمر في الكهرباء، وبطالة وفقر غير مسبوقين، حتى اختفت الطبقة الوسطى، ولم يعد للمواطن سوى الدعاء الى الله عز وجل لتدبير أموره اليومية.
إن التيار الأسعدي لطالما طالب الحكومة اللبنانية بإعلان حالة الطوارئ الاقتصادية، وبإنشاء هيئة خاصة مستقلة لاجتثاث الفساد ومعاقبة المتورطين لإنقاذ ما تبقى من مؤسسات الدولة وهيكليتها.
ونوجّه نداءً صادقاً لشركائنا في الوطن، ألا تراهنوا على الولاء المطلق لأي زعيم على قاعدته الشعبية، صدقوني، فالفقر والجوع سيكون لهما الأثر المدمر على أي زعيم أو كيان سياسي.
أنسيتم قول الإمام علي (ع) بأنه لو كان الفقر رجلاً لقتلته؟ اقتلوا الفساد والفقر والجوع، تصدوا للهيمنة السياسية على مؤسسات الدولة، أعيدوا للمواطن بعض حقوقه المسلوبة نتيجة ما اصطلح على تسميته تجميلياً (الهدر).
الجيش سياج الوطن
لا يمكن إلا أن نقف أمام ما تتعرض له المؤسسة العسكرية من حملات مستمرة غير منقطعة لا تهدف إلا الى تدمير آخر مؤسسة رسمية في وطننا. ويجب على الجميع أن يعرف بأن الجيش اللبناني هو سياج الوطن، وقلعة المقاومة ورمز الدولة بأسرها، وبأن التعرض لقادته أو لأفراده سواء من قبل أحزاب سياسية أو أفراد هو خيانة للوطن بأسره.
إن التيار الأسعدي يطالب بتعديل الدستور كي لا يتلطى أي زعيم أو نائب أو وزير وراء حصانته للنيل من هيبة المؤسسة العسكرية، أن التعرض للمؤسسة العسكرية في ظل ما يتعرض له وطننا من مؤامرات، هو عصان وتمرد لا يهدف إلا الى تحقيق غاية الأجنبي، الطامع بتقسيم جيشنا الباسل وشرذمته مذهبياً وطائفياً، لسبب واحد وبسيط، ألا وهو أن المؤسسة العسكرية تعتمد عقيدة مقاومة لن يقبل بها الأجبني، الذي يتحين الفرصة للانقضاض علينا واحتلال أرضنا حين عثوره على ثغرة بسيطة في سياج وطننا، أي جيشنا اللبناني والمؤسسة العسكرية بجميع فروعها.
نطالب المشترع اللبناني بتعديل الدستور والقوانين لإنزال أشد العقوبات بمن يحاول النيل من هيبة مؤسستنا العسكرية، وإسقاط أي حصانة ممنوحة لأي كان، ومهما علا شأنه.
في قانون الانتخاب:
إسمحوا لي أن أ ترفع عن الغوص بهذا الموضوع لأن أي قانون إنتخابات لم يفصّل على قياس الطبقة السياسية الحاكمة لن يمر، وأقصى ما نطلبه هو سحب موضوع قانون الانتخاب من التداول الإعلامي، رحمة بالمواطن وضناً بوقته وتخفيفاً للاحتقان السائد، والتركيز على معالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية، والتي هي حالياً أوجب من سنّ قوانين انتخابات أو منع التدخين أو هيئات نفط وغاز وما شابه.
هذا ما تعلمناه من فقيدنا الغالي عدنان الأسعد، نم قرير العين أيها الراحل الكبير، مطمئناً بأننا لن نستلزم لم يوماً لأحد، ولن نفرط بمبادئنا وقناعاتنا، مهما اشتدت الظروف أو كبرت الإغراءات، وبأن يدنا ستبقى ممدودة الى الجميع ومن مختلف المواقع، وفي كل المناسبات الوطنية، وطبعاً تحت سقف الندية في التعامل، والمساواة في التحالف:
وتلقى المحامي االأسعد برقية تعزية من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، كما تلقى اتصالاً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للغاية ذاتها.