كل ما حولنا عبارة عن مواد ذات تركيبة كيميائية محددة، وقد درس العلماء منذ 200 عام والى الان تركيبة هذه المواد وماهيتها وقدموها لنا كخلاصات اخيرة يمكن الاعتماد عليها. لكن كل هذه المعرفة تتداعى حين يتم تعريض المواد لضغط عال وحرارة مرتفعة. وحاليا قام العلماء من خلال تعريض الملح العادي الى ضعظ عال وحرارة مرتفعة بالخروج بمركبات كيميائية غريبة وجديدة..وربما ايضا حان الوقت لاعادة كتابة كتب الكمياء فمركبNaCl بالتأكيد لم يعد الخيار الوحيد حين يتعلق الامر بالملح.
ويمكن القول إن الدراسات التي اجرتها مجموعة علماء دولية في المركز السنكروترون Synchrotron الالماني “DESY” باستخدام مصدر الاشعة السينية “PETRA III تحت اشراف البروفيسور ارتيوم أوغانوف والبروفيسور الكسندر غونتشاروف يمكن ان تفتح الطريق الى فهم جديد لعلم الكيمياء.
فملح الطعام كما هو معروف يتكون من اتحاد عنصري الكلور والصوديوم NaCl، ويعتبر المركب الكيميائي الذي خضع للدراسة اكثر من غيره من المركبات الكيميائية. التركيب الجزيئي للملح بسيط جدا فكل ذرة صوديوم تتحد مع ذرة كلور، وهذا صحيح في الظروف الطبيعية. ولا تسمح قواعد علم الكيمياء التقليدية بأي خيارات اخرى.
وبموجب قاعدة “الثمانية” كل عنصر كيميائي يسعى الى ان يحتوي غلافه الخارجي على 8 الكترونات، لضمان استقرار الذرة، ونظرا لوجود الكترون زائد للصوديوم والكترون ناقص للكلور، فان الصوديوم يعطي هذا الالكترون الزائد الى الكلور، وبهذا يصبح في الغلاف الخارجي للعنصرين 8 الكترونات مكونة اواصر ايونية متينة.
ولكن عندما وضع ملح الطعام تحت ضغط 200 ألف GPa واعلى ودرجة حرارة تعادل 1700 درجة مئوية واضافة صوديوم وكلور، تكونت مركبات “غير متوقعة” مثل Na3Cl وNaCl3.
وبهذا الخصوص تقول الدكتورة سوزانا كونوبكوفا: “بعد التمحيص النظري حاولنا تسخين النماذج التي حصلنا عليها باستخدام الليزر، وقد تمكنا من اكتشاف مركبات أخرى غير متوقعة للصوديوم والكلور”. استنتجت المجموعة العلمية من هذه التجارب، ان هذه المركبات الجديدة يمكن ان تتكون تحت تأثير ظروف استثنائية، وان هذه النتائج تدحض القواعد المدونة في كتب الكيمياء.
والمثير هنا ان المركبات الجديدة ثابتة، أي لا تتاثر بتغير الحرارة والضغط، ولكنها في ظروف الضغط العادي “تعيش” حوالي الدقيقتين فقط. ومن المحتمل ان تكون هذه التجارب الخطوة الاولى على طريق اكتشاف مركبات كيميائية جديدة.
البحارـ روسيا اليوم
