أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اننا بحاجة اليوم الى ذهنية جديدة وتغيّير عميق كي نعيد بناء الوطن، وأيّ وطن لا يستقيم من دون قيم، ومن دون الشعور مع الآخر والانتباه الى مختلف طبقات الشعب.
ودعا كل فرد في المجتمع الى ان يشعر مع الغير ويساهم في بناء الوطن، معتبراً أن لبنان جزء من منطقة،” ولا يمكننا بعد اليوم الّا نتطّلع من حولنا، فنحن مشرقيون وحياتنا هنا، وهي لم تعد غرباً ولم تعد شرقاً، لا جنوباً ولا شمالاً. الّا انّ ذلك لا يعني القطيعة مع الآخر”.
مواقف الرئيس عون اتت خلال استقباله اعضاء السلك القنصلي في لبنان الذين قدّموا له التهنئة بحلول الاعياد والسنة الجديدة، وحضر اللقاء الامين العام لوزارة الخارجية السفير وفيق رحيمي.
كلمة عميد السلك القنصلي
والقى عميد السلك القنصلي جوزف حبيس كلمة باسم القناصل الحاضرين قال فيها:
“كم نحنُ سعداء اليومَ بالوقوفِ أمامَكُم كأعضاءٍ في السلكِ القنصلي، لنهنِئَكم بانطلاقِ السنةِ الجديدةِ والأعيادِ المجيدة، ومعها انطلاقُ عهدٍ جديدٍ بقيادتِكُم أنعشَ آمالَ اللبنانيين بعودةِ الحياةِ إلى مؤسساتِ الدولةِ، بعد سنتين ونصف مِن الجمودِ والفراغِ، وبتعزيزِ التلاحمِ الوطني بعدَ تباعدٍ وتجافٍ، وبإبعادِ شبحِ المخاطرِ الأمنيةِ المنعكسةِ على لبنانَ جراءَ الغليانِ والحروبِ في محيطِه من جهة، والتهديداتِ الإرهابيةِ التي تهدفُ إلى النيلِ من أمنِه واستقرارِه من جهةٍ ثانية.
فخامةَ الرئيس،
لقد باتَ للدولةِ رأسٌ نفتخرُ به، وعادتْ للكيانِ اللبناني ميثاقيتُه في الحكمِ. لقد عُرف عنكُم، ولا اقولُ هنا جديداً، حبُّكم للجيشِ الذي برهنَ أنه صمامُ الأمانِ وسطَ العواصفِ، ودعوتُكُم إلى انخراطِ اللبنانيين المهاجرين والمنتشرين حولَ العالمِ في نهضةِ وطنِهِم الأم وحصولِهم على كافةِ حقوقِهِم كلبنانيين وعلى رأسِها حقُّهُم بالانتخاب. وعُرف عنكم إصرارُكم على التجديدِ في الحياةِ السياسيةِ اللبنانيةِ عبرَ إقرارِ قانونِ انتخابٍ عصريٍ وعادل، ونضالُكُم من أجلِ محاربةِ الفسادِ والفاسدين والاهتراءِ في عملِ الإداراتِ الرسميةِ. هذا غيضٌ من فيضِ مسيرتِكُم، ولعلَّ خطابَ القسَم هو خيرُ دليل على بُعدِ رؤيتِكُم الوطنيةِ، وقد لاقى منذُ تلاوتِه في المجلسِ النيابي ترحيباً شاملاً وإجماعاً مِن كافةِ مكوناتِ الوطن.
ونحنُ، يا فخامةَ الرئيس، كجِسمٍ قنصلي، نضعُ كلَّ إمكاناتنا في تصرفِ عهدِكم الميمون، ونعدَكُم بأن نحملَ في عملِنا، هذا الزخمَ الذي شكَّلهُ انتخابُكم في شرايينِ الوطنِ، فنُسهمَ في تفعيلِ روابطِ لبنانَ بالعالمِ، وتعزيزِ كافةِ وجوهِ التبادلِ الحيوي القائمِ بينه وبين الدولِ التي شرَّفتنا بتمثيلِها في لبنان.
وفي الختامِ، لا يسعني باسمِ كافةِ الزملاء، إلا أن أتمنَّى لكم الصحةَ والتوفيقَ في مهامِكُم الجسيمةِ، والنجاحَ بالتعاونِ مع المؤسستين التشريعيةِ والتنفيذيةِ، في النهوضِ بلبنانَ لملاقاةِ توقعاتِ أبنائِه والآمالِ التي عقدوها على هذهِ المرحلةِ التاريخيةِ الجديدةِ في حياةِ وطنِهم.
عشتم يا فخامةَ الرئيس وعاش لبنان.”
كلمة الرئيس عون
وردّ الرئيس عون مرحباً بالوفد القنصلي مؤكّدا على العمل من اجل استنهاض كافة المؤسسات والقطاعات. وقال: “اننا بحاجة اليوم الى ذهنية جديدة وتغيّير عميق كي نعيد بناء الوطن. وايّ وطن لا يستقيم من دون قيم، ومن دون الشعور مع الآخر والانتباه الى مختلف طبقات الشعب. من هنا، على كل فرد في المجتمع ان يشعر مع الغير ويساهم في بناء الوطن، مباشرة او من خلال بناء الدولة بطريقة سليمة والانتظام حسب القوانين والقواعد المرعية.”
وعبّر الرئيس عون عن سعادته بالتزام الجميع “العمل لبناء الوطن واسترداد ما خسرناه في سنتي الفراغ المنصرمتين وما قبلهما. من هذا المنطلق، فإنّ الجدية التي نتعاطى بها هي اساس الاستنهاض الاقتصادي وترسيخ استقلالية لبنان وعدم الاتكّال على الخارج، لأنّه لم يعد بمقدور احد ان يساعد احدا اليوم، وعلى كل طرف ان يساعد ذاته.”
وقال: “نحن جزء من منطقة، وعلينا ان نرى محيطنا وبيئتنا. نحن مشرقيون وحياتنا هنا، وهي لم تعد غرباً ولم تعد شرقاً، لا جنوباً ولا شمالاً. الّا انّ ذلك لا يعني القطيعة مع الآخر، فالتبادل ضروري ولكنّ مركزّيتنا هنا، وكافة جهودنا يجب ان تنصّب هنا. نحن لا نريد ان نكون سكّاناً في لبنان –وهذا ما ارغب ان تتذكّروه دوماً-، نحن مواطنون، لدينا واجبات تجاه وطننا ومجتمعنا، ولسنا مجّرد سكّان نوضّب حقائبنا ونرحل في اي وقت. انّ الوطن يتطّلب منّا احيانا تضحيات مادية، وهناك مؤسسات دفعت دما من حياة ابنائها كالجيش والمؤسسات الامنية، لصون لبنان. والمجتمع المدني ايضاً مثلما له الحق في ان يطالب بحقوقه، فإنّ عليه واجبات تجاه هذه المؤسسات. واتمنى ان تساهموا فيها وان تنقلوا الى الدول التي تتعاطون معها، الرسائل التي نبعث بها الى العالم اجمع.”