Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

الرئيس نبيه برّي من بروكسل الى بيروت


من رصد زيارة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى بلجيكا، أدرك حجم الاهتمام الاوروبي بسياسي عريق ذاع صيته في عواصم العالم. ربما التعاطي السياسي الاوروبي مع رئيس المجلس النيابي خلال زيارته الى بروكسل قد يكون فاجأ بري نفسه.

كان النواب الاوروبيون يعقدون اجتماعاتهم عندما حلّ بري ضيفاً مكرماً في البرلمانين الاوروبي والبلجيكي. بالنسبة الى هؤلاء البرلمانيين، فإن خبرة رئيس المجلس النيابي اللبناني لا تضاهيها أي تجربة نيابية أخرى في العالم. هو يترأس سلطة تشريعية منذ مدة طويلة في بلد تنوعت أزماته، وفي منطقة مشتعلة سياسياً و ميدانياً.

لم يخفِ النواب الأوروبيون إعجابهم برئيس المجلس اللبناني. هم تحدثوا علناً عن دوره الجامع عبر رعاية الحوار، وتسويقه مبادرات الحل في أصعب الظروف. وصفوه بالرجل الحكيم وبالشخصية البرلمانية العالمية، وكان تصفيقهم الطويل له مراراً في المجلسين الاوروبي والبلجيكي هو الذي يعبّر عن إعجاب البرلمانيين به.

اجتماعات عقدها بري بالجملة، لكن النقاش في جلسة الشؤون الخارجية للبرلمان الاوروبي كان محور الاهتمام. في هذا الاجتماع يحضر كبار البرلمانيين العمالقة. عادة هم بالاساس، اما كانوا رؤساء حكومات او وزراء خارجية سابقين في دولهم، او مرشحين سابقاً لرئاسات جمهورياتهم، ما يعني انهم من النوعية البرلمانية الرفيعة ذات الخبرة السياسية العريقة.

عندما يحل ضيفا على تلك الجلسة جرت العادة ان يوجّه النواب خمسة أسئلة فقط، لكن هذه المرة تسابق النواب على تلك الأسئلة، ولم يكتفوا بأربعة وعشرين سؤالاً دوّنها بري للإجابة عليها بالتفصيل.

بدا رئيس المجلس النيابي اللبناني خبيراً بشؤون اوروبا اكثر من بعض البرلمانيين الأوروبيين. هم قالوا له ذلك. كانت الهواجس تلف وتدور عندهم بالدرجة الاولى حول النازحين السوريين. قدّم بري إحاطة شاملة للملف السوري. بدا الكل منصتاً. حينما رصد بري تلميحاً بطرح إبقاء السوريين في لبنان، جزم في رده بأن لا قبول بالتوطين. هنا سأله ممثل بولندا: لماذا لا تقبلون بمليون ونصف مهجّر علماً ان الولايات المتحدة الاميركية فتحت أبوابها لأكثر من تسعين مليون شخص، فردّ بري بنباهته السريعة: هل كان ذلك قبل الهنود الحمر ام بعدهم؟ فردّ النواب بالتصفيق طويلاً لبري اعجاباً بجوابه.

في جلسة البرلمان الاوروبي تجاوزت أجوبة بري الوقت المحدد، لكن ذلك لم يدفع رئيس الجلسة لرفعها، ما أدى لتأخير موعد اجتماع لحلف “الناتو” كان يجب ان يحضره مجموعة من الموجودين في الجلسة، ففوجئ بري بممثلي دول الحلف يدخلون الى القاعة لسماع اجوبته، وجلس الامين العام للحلف منصتاً لكلامه على أحد المقاعد، فيما بقي الآخرون واقفين يستمعون الى أجوبة بري.

كان تركيز رئيس المجلس يدور أيضاً حول اساس ازمة الشرق الاوسط. الحل يبدأ من فلسطين. كعادته لا يترك بري مناسبة الا ويصوّب البوصلة نحو اساس المشكلة الناتجة عن الاحتلال والعدوانية الاسرائيلية. أن يرفع سياسي هذا الصوت ليدافع عن المقاومة على احد اهم المنابر البرلمانية دولياً، وخصوصاً في بلجيكا، تلك مسألة في غاية الأهمية. هذا ما يفعله بري أينما حل.

للبنانيين ان يتخيلوا التقدير الاوروبي لرئيس مجلسهم النيابي رغم صغر حجم لبنان الجغرافي ودوره السياسي. فليتخيلوا كيف تسابق هؤلاء النواب للتعرف على بري بصفته “استاذ السياسة والتشريع”. هذا ما قالوه، لدرجة ان أحدنا ظنّ ان لبنان ينافس فرنسا او بريطانيا عظمة وسياسة وديمقراطية.

انه دور بري. لم تشغله تفاصيل الداخل. هو قام بمهمة جبّارة في بلجيكا، مقترحاً الأفكار حول النازحين التي أخذت بعين الاعتبار والإقرار. فأبقى لبنان موصولاً بالمؤسسات الخارجية وعواصم القرار. اهمية المنبر الاوروبي انه خاص بالسلطة التشريعية التي تقر او تُسقط سياسات حكوماتها.

دور بري أيضاً دفعه الى إرسال وفد نيابي الى واشنطن لشرح انجازات لبنان على الصعيد المالي. الغاية كانت عند رئيس المجلس منع العقوبات عن لبنان، وإبقاء الخطوط مفتوحة مع عواصم القرار. لا يجوز ان يكون صوت لبنان خافتاً. حركة بري توزعت بين لقاء البرلمانيين الأوروبيين وايفاد الوفد النيابي الى واشنطن قبل زيارة وزير المال علي حسن خليل المرتقبة بعد أسابيع. كل ذلك أبقى صوت لبنان مرفوعاً ومسموعاً في اهم المساحات السياسية الدولية.

تلك العناوين الكبرى، لم تُبعد بري عن تفاصيل الداخل. فليتخيل اللبنانيون ايضاً كيف يكون رئيس المجلس ناشطاً على عدة جبهات: هو يجاهد لإبقاء الحوار قائماً. منذ لحظة مغادرته بيروت الى بروكسل ثم عودته الى لبنان بقي يحرّض مباشرة او بالواسطة على ضرورة ان تبقى الطاولة الثنائية تجمع بين “حزب الله” و”تيار المستقبل”، والجامعة تلم شمل كل القوى.

منذ لحظة عودته الى بيروت، بقي بري على خط ضبط التصعيد، وابلغ من يعنيهم الامر ان الغطاء مرفوع عن كل من يريد العبث بالسلم الاهلي في الشارع.

هو أصاب بتشخيص المشكلة الإقليمية وتوصيف الحل المفقود، والمطلوب عبر التواصل السعودي-الإيراني.

لم تهدأ حركة بري يوماً على خط دفع العمل الحكومي. تجده يحمل إطفائية في يد، وورقة الحل في يد أخرى. لذلك وصفوه لبنانياً بصمام الأمان، ثم اصبحوا عربياً يرون فيه “حكيم العرب”، واقليمياً “ضابط التوازنات”، والآن يشيد به الأوروبيون علناً ويعتبرونه شخصية برلمانية عالمية، ويترجم دوماً الأميركيون والروس تقديرهم لدوره.

يكفي لأن يصل كل اللبنانيين بموضوعية الى تلك القناعة ان يتخيلوا فقط المشهد من بروكسل الى بيروت.

أعضاء الوفد المرافق للرئيس بري

تألف الوفد المرافق للرئيس نبيه بري الى بلجيكا من السادة: بلال شرارة، القنصل حكمت ناصر ممثل مجلس النواب اللبناني في البرلمان الأوروبي، سفير لبنان في بروكسيل رامي مرتضى، فؤاد فواز، خليل ابرهيم وعلي أحمد. وضم الوفد الإعلامي الصحافيون: محمد بلوط، نقولا ناصيف، عماد مرمل، علي نور الدين ومرتضى.

Leave a comment

0.0/5

Go to Top

الرئيس نبيه برّي من بروكسل الى بيروت