سأل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من ساحل العاج، “جميع اللبنانيين رفع الصلوات والتضرع الى الله على نية وطننا الحبيب لبنان ونية أهله الذين يعيشون منذ البارحة أوقاتا عصيبة مع اندلاع الحرائق في أحراجه من الشمال الى الجنوب، مرورا بالشوف والإقليم.
وإذ أسف ل”الواقع الأليم الذي مر به المواطنون الذين حاصرتهم النيران، وأتت على جزء لا يستهان به من ثروتهم الطبيعية”، شدد الراعي على “ضرورة تعاون المسؤولين والمعنيين في لبنان والعمل معا لاعلاء المصلحة العامة والخير العام فوق كل المنافع المذهبية والسياسية والحزبية والطائفية لما فيه خير الوطن وابنائه”، لافتا إلى أن “الظرف الذي يمر به لبنان اليوم يحتم على الجميع تفعيل المبادرات والسعي الى ارساء لغة الحوار والتفاهم، بعيدا عن تبادل الاتهامات التي تمعن في أذية الوطن والمواطن الذي لم يعد يقوى على تحمل المزيد من الهزات على المستويات كافة”.
وأعرب الراعي عن “حزنه الكبير لسقوط الضحايا وتشريد العائلات ووقوع خسائر مادية في الممتلكات من جراء الحريق الذي اندلع مساء امس طالبا من العناية الإلهية السهر على لبنان واهله وتجنيبه الوقوع في أزمات جديدة”.
وصباح اليوم، استهل الراعي نشاطه في صالون مركز الرسالة اللبنانية بسلسلة لقاءات اطلع خلالها على أوضاع الرعية والجالية اللبنانية، منوها ب”التعاون بين أبناء الجالية في سبيل تأمين مستقبل افضل لاجيالنا ومساعدة العائلات المتعثرة”.
كما أجمعت الآراء على “حسن العلاقات مع السلطات الرسمية المحلية وأهمية زيارة الراعي التي تعكس قربا واهتماما من قبل قامة كنسية ووطنية لبنانية كبرى ومناسبة تعزز اللحمة بين اللبنانيين وانتمائهم الى وطنهم الأم”.
والتقى الراعي قنصل لبنان في ساحل العاج جو الترك، الذي تحدث بعد اللقاء عن “أهمية زيارة صاحب الغبطة”، وقال: “إن زيارة غبطة أبينا البطريرك اليوم تعتبر تاريخية بعد زيارة المثلث الرحمة البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير في عام 2000. واليوم، بعد 19 عاما يطل البطريرك الراعي، وكل الجالية اللبنانية في استقباله في عرس وطني في أبيدجيان، هذا البلد الذي نعتبره لبنان الصغير، يستقبل اليوم من أعطي له مجد لبنان”.
أضاف الترك: “لقد تفاجأنا بالاهتمام الرسمي الكبير، وبشكل خاص من الدولة، حيث تمت معاملة غبطة أبينا على أنه رئيس دولة. أما على صعيد الجالية، فالكل هب لتقديم المساعدة، واستقبال صاحب الغبطة”.
درويش
ثم التقى الراعي إمام جمعية “البر والتعاون” الشيخ غسان درويش، رئيس الجمعية محمود ناصر الدين، والممثل الشخصي للرئيس بري.
بعد اللقاء، تحدث درويش عن زيارة الراعي فقال: “إن هذه الزيارة، التي سطرها غبطته لهذه الدول تجسد روحية التعايش التي نعرفها في لبنان، والتي تنعكس هنا في أبيدجيان، كما هي زيارة تاريخية بكل ما للكلمة من معنى. ونحن اليوم، في ظل أزمة الاحتراق الاقتصادي واحتراق أحراج لبنان، تقدمنا إلى غبطته ببعض الآمال المعقودة في الاغتراب، حتى تصل أصواتنا الى المسؤولين في لبنان، وخصوصا الغائبين عن مطالبنا وأصواتنا في ما يتعلق بجانب الاتفاقيات الاقتصادية بين أبيدجيان ولبنان، اضافة الى الموضوعات التعليمية حيث يعاني اللبناني من الهجرة الداخلية هنا في أبيدجيان من أجل تحصيل العلم لأبنائه”.
وأمل “زيارة مباركة لصاحب الغبطة، أن تكون ثمارها كما يتمنى الجميع”.
زهر
من جهته، قال رئيس الجالية اللبنانية في ساحل العاج نجيب زهر بعد لقائه الراعي على رأس وفد من مجلس الجالية: “ننتظر منذ سنة هذه الزيارة العظيمة لصاحب الغبطة. واليوم، نرحب به حاملا السلام والمحبة. نحن في أبيدجيان نعيش شعار صاحب الغبطة “شركة ومحبة”، ونرى أن لبنان لا يمكن أن يستقيم الا بجناحيه، المقيم والمغترب. ومن هذا المنطلق، نشكر صاحب الغبطة على هذه الزيارة، ونشكر الدولة المضيفة التي قدمت كل التسهيلات، ونأمل أن نراه في زيارة ثانية”.
أضاف: “مهمتنا الأساسية هي المحافظة على وجودنا في بلاد الاغتراب، ونحن نعلم أن سيدنا لديه من الهموم ما يكفيه، فلا نطلب منه الا بركته وصلاته والدعاء لنا بالتوفيق”.
الخوري
كذلك، التقى الراعي وفد غرفة التجارة والصناعة اللبنانية في ساحل العاج برئاسة الدكتور جوزيف الخوري، الذي قال: “إن غبطة البطريرك شخصية دينية ووطنية، ومن واجبنا استقباله ومرافقته، وأن نشرح له ما هو دور غرفة الصناعة والتجارة والدور الذي تلعبه، فهي مسؤولة عن الدفاع عن مصالح رجال الأعمال الللبنانيين، والعمل على خلق علاقات اقتصادية وتجارية بين لبنان وساحل العاج”.
وعن أوضاع اللبنانيين، قال خوري: “إن الأوضاع الاقتصادية هنا مستقرة، ولو أنها ليست في أحسن حالاتها، والجالية اللبنانية مستقرة هنا وتلعب دورا اقتصاديا مهما. ما نريد تحميله إلى غبطة البطريرك ليوصله إلى المعنيين هو دعم الدولة للمغترب اللبناني”.
وعن أهمية زيارة الراعي، قال: “إن الزيارة ستسمح لصاحب الغبطة بمعرفة كيف يعيش اللبنانيون، وما هي معاناتهم العائلية والتعليمية والصحية، الأمر الذي سيسمح له بتكوين نظرة عن كيان لبنان المغترب”.
آصاف
أما مؤسس أول مدرسة لبنانية في ساحل العاج فادي آصاف فقال بعد لقائة الراعي: “لنا الشرف والفخر أن نستقبل صاحب الغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في زيارة من شأنها تقوية الايمان في كنيستنا وتثبيت الرسالة”.
أضاف: “إن كنيستنا اليوم في ساحل العاج تقوم بعملها بشكل ممتاز برئاسة قدس الأباتي جان أبو سرحال، النشيط والمندفع”.
وعن المطالب والرسائل التي يحملها للراعي، قال آصاف: “لا يسعنا أن نحمله إلا أشواقنا إلى أرض الوطن، لأننا نعيش أخوة ووحدة لا مثيل لها”.
وعن القطاع التعليمي، قال: “نتبع هنا النظام التعليمي العاجي، حيث يقوم الطلاب بعد التخرج بتعديل الشهادة في الأونيسكو، ليتمكنوا من متابعة تعليمهم في لبنان إذا ما أرادوا. وطبعا، سنضع صاحب الغبطة في كل هذه التفاصيل”.
والتقى الراعي على التوالي أيضا ممثل المرجع محمد حسين فضل الله الشيخ وهيب مغنية، منسق مكتب “التيار الوطني الحر” في ساحل العاج سليم الخوري.
كوتوا
وظهرا، زار الراعي رئيس أساقفة ساحل العاج الكاردينال بيار كوتوا وعرض معه الخدمة الراعوية المارونية ومشاركة الموارنة في حياة الكنيسة المحلية.