كرمت الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم المدير العام للمغتربين هيثم جمعة في احتفال برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ممثلا بالامين العام لتيار المستقبل احمد الحريري، في مبنى عدنان القصار للاقتصاد العربي في بئر حسن.
حضر التكريم وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية عناية عز الدين والنواب: ياسين جابر، علي بزي، ايوب حميد وقاسم هاشم، حسن علوش ممثلا النائب أنور الخليل، الوزراء السابقون: فوزي صلوخ، عدنان منصور، طلال الساحلي وعلي الشامي، ممثل قائد الجيش العماد جوزاف عون العقيد البحري طانيوس ابراهيم، ممثل مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان العميد عامر خالد، ممثل المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم العقيد عبد الرحمن عيتاني، ممثل المدير العام لامن الدولة اللواء طوني صليبا العقيد ايمن سنو، نقيب المحررين الياس عون، المدير العام لوزارة الاعلام الدكتور حسان فلحة، مديرة “الوكالة الوطنية للاعلام” لور سليمان صعب، امين عام شؤون الخارجية في مجلس النواب بلال شرارة.
وحضر الرئيس العالمي للجامعة الثقافية في العالم بيتر أشقر، الرئيس الفخري للجامعة احمد ناصر، الامين العام المركزي للجامعة محمد هاشم والنائب الاول للرئيس القنصل رمزي حيدر، الرؤساء السابقون للجامعة واعضاء المجلس القاري الافريقي، المفتش العام التربوي فاتن جمعة، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة امل الشيخ حسن المصري، ووفد من المكتب السياسي للحركة برئاسة جميل حايك وضم رئيس الهيئة التنفيذية محمد نصرالله، مسؤول البلديات بسام طليس واعضاء المكتب الى جانب عدد من المديرين العامين وممثلين عن البعثات الاوروبية والهيئات الثقافية والتربوية وشخصيات اغترابية ورؤساء بلديات وقيادات نقابية وعائلة المحتفى به.
أشقر
بداية، النشيد الوطني، ثم تقديم من الزميلة دلال قنديل. وألقى أشقر كلمة قال فيها: “باسم الجامعة ورئيسها الفخري أحمد ناصر والامين العام المركزي السيد محمد هاشم، أرحب بممثل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الامين العام ل “تيار المستقبل” احمد الحريري وبالحاضرين”، شاكرا للرئيس الحريري رعاية الاحتفال التكريمي ل”انسان كافح لسنين طويلة لمصلحة الاغتراب اللبناني”.
وأضاف:”ان الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم هي المؤسسة الوحيدة في عالمنا الاغترابي المتواجدة في كل القارات والمدن وحتى اقاصي القرى حيث يوجد لبنانيون. انها متجذرة في التاريخ وفي الوجدان الاغترابي. عصفت بها رياح الفرقة في ظروف معينة ولفترة طويلة، إلا اننا اخذنا على عاتقنا ومنذ رئاسة السيد احمد ناصر وحتى اليوم مهمة توحيد هذه المؤسسة وقد خطونا في هذا الاتجاه خطوات متقدمة جدا. الا انني أثمن الدور الرائد للرئيس ناصر الذي خطى الخطوة الاولى في مسيرة الالف ميل واستمر داعما ومتابعا الى يومنا هذا”.
وتابع: “ان مهمة وحدة الجامعة أخذت الجهد الاكبر في اهتماماتنا، من دونها يحل التشرذم والتقوقع والفئوية والمذهبية والمناطقية، لان هناك عقولا لا تزال تدور في شرذمتها المغلقة”.
وأكد أنه “لا يمكن لاي مؤسسة، ان تحل محل الجامعة المتجذرة في الانتشار اللبناني”، وقال:” نحن في الجامعة اللبنانية الثقافية، ثقافتنا هي وحدة المجتمع ووحدة الحياة للمقيمين والمغتربين. ان هذه الوحدة لا أمل لها الا من خلال مفهوم المجتمع المدني”.
وشكر جمعة “الذي ساهم المساهمة الكبرى بإراحة النفوس وبتقريب وجهات النظر وفتح أبواب المديرية لكل الفئات من دون اي تمييز سياسي او طائفي. فرغم الحملات التي تعرض لها سابقا تبين الان للجميع اخلاصه وحبه للمغتربين وللجامعة اللبنانية الثقافية في العالم التي تمثلهم من دون اي تفرقة. وقد كان الموقف الصريح والشفاف للمدير العام، عاملا أساسيا في إراحة الجميع وحثهم على التوحيد وها هم موجودون بيننا الليلة في هذا التكريم”.
وعرض اشقر لما قام به جمعة ، معتبرا انه “يشكل جزءا بسيطا من انجازاته ومتابعته اليومية لكل ما يتعرض له المغتربون في العالم، فهو عمل في قانون استعادة الجنسية وكان له الاسبقية في هذه التسمية منذ 2004 عندما اصدر كتابه” واقع وآفاق” فالاستعادة هي غير الاكتساب لانها حق موجود يستعاد، وسعى لتلبية ومعالجة أوضاع المغتربين في الازمات الكبرى (الكونغو – برازافيل، ليبيريا، ساحل العاج، مالي وبلدان أميركا اللاتينية وبعض البلدان العربية)، وهو كان أول الواصلين الى ليبيا بعد سقوط القذافي لمتابعة قضية الامام المغيب السيد موسى الصدر ورفيقيه، واطلق مخيم شباب لبنان المغترب وكان هذا المخيم نقطة مضيئة في السماء اللبنانية المتلبدة ابتداء من عام 1996 مما جعل أهم القنوات التلفزيونية تنقل هذا الحدث وعلى سبيل المثال CNN، وكان له حضور ودور فاعل في مؤتمرات اغترابية لرجال الاعمال وجمعيات لبنانية في الخارج، ولاول مرة تعالج المواضيع الاغترابية بطريقة وطنية وغير طائفية، كذلك كان له الدور الكبير في الجمعيات المتخصصة بالاعلام ورجال الفكر والاطباء والمهندسين. كما كان العلاقة بين لبنان والمنظمات العربية والدولية فحفظ حق لبنان في مواضيع الهجرة ومنع التوطين في ارضه وأصبح ركنا اساسيا من اركان هذه المنظمات، وكان أيضا رئيس لجنة التشاور العربية في لقاء رؤساء التشاور العالمي للهجرة الذي عقد في الجامعة العربية”.
وختم: “هذا جزء بسيط من انجازاته التي لا يمكن تعدادها. أما نحن كجامعة لبنانية ثقافية في العالم بكل مكوناتها تكرمه اليوم اعترافا منا وتقديرا لما قام ويقوم به تجاه كل هذا الانتشار”.
سيمون
ثم كانت كلمة منسق منظمة البحر المتوسط في المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة جوليان سيمون الذي “استذكر سنوات العمل مع جمعة خلال العشر سنوات الماضية في موضوع الخبرة من منظور تاريخي، مشيدا بمسيرة جمعة خلال فترة توليه مدير عام المغتربين في وزارة الخارجية حيث حقق في هذا المنصب نجاحا كبيرا على مدى العقد الماضي ، مشيدا بدفاعه القوي في دعم المغتربين اللبنانيين والجهات الفاعلة الدؤوبة في اشراك منجتمعاتها العديدية في جميع انحاء العالم، لافتا الى ان جمعة اتخذ العديد من الاجراءات تجاه المغتربين اللبنانيين التي لا تزال حتى يومنا هذا مرجعا لخبراء الهجرة”.
وقال: “ساهم المدير العام جمعة بشكل كبير في تطوير هذه المديرية العامة في لبنان، وادى دور اساسي على الساحة الدولية طوال حياته المهنية ، كان وسيطا هاما بين الاوروبيين والعرب لسلسلة من الاحداث المتعلقة بالهجرة. مشاركته المستمرة في الحوار حول هجرة العبور عبر المتوسط MTM، حيث يستضيف لبنان ومدينة بيروت في اقل من شهر، مؤتمر رفيع المستوى لبرنامجه، مشروع الهجرة بين المدن المتوسطية، خير دليل على ذلك. وفي الاونة الاخيرة بالاضافة الى العدجيد من مهامه وواجباته، تولى منصب ضابط الارتباط الوطني في لبنان لبرنامج الهجرة الاورومتوسطية ، مقدما معرفته وخبرته العميقة لتعزيز وتسهيل الحوار والتعاون بين الدول في منطقة البحر الابيض المتوسط . وبفضل إلتزام المدير العام جمعة الصادق بهذه المبادرة الرائدة في منطقة البحر الابيض المتوسط التي ينفذها المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة ICMPD، حافظ لبنان على تبادل منتظم وعالي الجودة مع جيرانه الاوروبيين والعرب بشأن العديد من جوانب سياسة الهجرة”.
أضاف: “بالاضافة الى ذلك، عمله في اطار العمليات الاستشارية الاقليمية العربية بشأن الهجرة واللاجئين سيساهم في نقل الاصوات العربية عند صياغة الاتفاق العالمي بشأن الهجرة واللاجئين، الذي سيعتمد في نيويورك في عام 2018. واخيرا، ساهم المدير العام هيثم جمعة في تمهيد السبيل الى زيادة تماسك لبنان في وضع سياسات الهجرة ولا سيما مع اقتراح انشاء آلية تنسيق وطنية للهجرة تجمع بين الوزارات والوكالات المختلفة”.
وختم: “في المجال الدولي، نعتبر أن الاداء المتميز يتمثل بالاهداف المحددة والقابلة للقياس والقابلة للتحقيق وذات الصلة وملزمة بفترة زمنية معينة. على مر السنين التي عملت فيها معه، وانا اعلم ان المدير العام هيثم جمعة حقق اداء متميزا من خلال تطبيق هذه الاهداف. ومن المؤكد انه مهد الطريق لمزيد من التماسك والتنسيق في ادارة الهجرة في لبنان وعلى الصعيد الدولي”.
زمكحل
وتحدث رئيس تجمع رجال وسيدات الاعمال اللبنانيين في العالم الدكتور فؤاد زمكحل مشيدا بمناقبية جمعة ، مؤكدا حسن علاقاته مع كل المغتربين اللبنانيين قائلا: “لم أزر بلد في العالم الا وكنا نستشيره”.
وقال: “عندما سافرت الى اكثر من بلد في العالم وجدت ان اللبنانيين في الاغتراب يعيشون كأخوة حيث ان اللبناني يساعد اخاه اللبناني وعلينا أن نتعلم من دروس المغتربين ومن العيش المشترك الذي يتمتعون به”.
أضاف: “أنا لست ضد الاغتراب وأقول للشباب اللبناني سافروا وعمروا لبنان وتمسكوا بالهوية اللبنانية وكونوا دائما صلة الوصل بين لبنان المقيم ولبنان المغترب”، لافتا الى “معاناة لبنان الاقتصادية التي توجب علينا النظر اليه كمختبر اقتصادي لكي نصدر نجاحاتنا وأفكارنا وابتكاراتنا وهذا ما نعمل عليه”.
ولفت الى أن “لبنان هو البلد الوحيد الذي يضم 18 طائفة بينما العالم يصدر لنا المشاكل”.
وتابع:”اذا اردنا بناء اقتصاد حقيقي واغتراب علينا ان نبني شراكات حقيقية لا ان نعمل بشكل منفرد بل جماعيا لكي نساهم في بناء اقتصاد لبنان والنهوض بشبابه”، داعيا الى “بناء لوبي اقتصادي عالمي لنبقى صلة الوصل بين لبنان المقيم والمغترب”.
وختم مشيدا “بمسيرة جمعة خلال توليه منصبه كمدير عام للمغتربين ، متحدثا عن “سنوات التعاون بين الطرفين”.
صلوخ
وكانت كلمة للوزير السابق صلوخ قال فيها: “يستفيض البيان، وتزدحم الكلمات ثرة، تنفجر بزخم المعاني، وتخترق جدار الزمن، لترتحل في مدارات التاريخ، وتحط منارة آمنة مضيئة تنشر الخلق والإبداع. وتسبر أغوار المجهول لإكتشاف الحقيقة الناصعة، والرؤى الصادقة في عقول تختزن الغنى، وتنتج التواصل والتلاقي على إمتداد العصور، وفي سيرة العاملين الناشطين في خدمة الوطن والانسان”.
أضاف:”لكل هذا أخاطبكم من الروح الى الروح في يوم نحتفل فيه بتكريم المدير العام للمغتربين اللبنانيين بمناسبة إنتهاء زمن الولاية، ولا أقول بلوغ سن التقاعد، إذ إن أمثال صاحب الحفل، الاستاذ هيثم جمعة لا يتقاعدون، ولا يبالون بعدد السنين العمرية. إن هذا المثال من رجال الإدارة تبقى حركيتهم مستمرة ومتواصلة، ويبقى عملهم الجاد متفجرا نجاحا وتألقا، ويبقى الضمير مرتاحا مطمئنا، وتبقى النفس تواقة الى إقتناص المزيد من الإنجازات والنجاحات. سيرتك الوظيفية، أيها المحتفى به، تشهد على ديمومة العمل، واستمراريته، ومعايشتها لفضيلة كل عمل شريف يحمل عبق الخير، والتواصل الانساني في جنباته. وكنت الموظف المثالي بالإنضباط والأداء والمسلكية. كنت مستنفر النفس لكل مطلب، وكل أمر، وكل مشكلة. وكنت مطمئنا الى أعمالك، صاحب شخصية مؤتمنة متفانية، وخزين صبر ينطلق من فكر متوهج، ونهج مستقيم على الطريق القويم”.
وتابع: “منذ خمس وعشرين سنة، أيها المحتفى به، إنتقلت من سلك المحاماة، سلك الدفاع عن حقوق المواطن اللبناني المقيم، إلى سلك الإدارة العامة، مديرا عاما لوزارة المغتربين اللبنانيين فواكبتها، منذ إنشائها، حاملا هموم المواطن اللبناني المغترب، مدافعا عنه، ساعيا الى حل مشاكله، متابعا التطورات والتحولات في بلدان الإنتشار، باعثا نمطا جديدا من التواصل الدائم، المستمر بين جناحي لبنان المقيم والمغترب. وقد بذلت الجهود الحثيثة في عملك الإداري، وفي زياراتك المتكررة للمغتربين في بلدان انتشارهم كي يبقى هذا الجناح سليما معافى ، محافظا على وحدته، وعلى تماسكه وتضامنه، وعلى حميد سمعته، وكريم صيته، في أوساط البلدان المضيفة. هذه البلدان التي رحبت بالمغترب اللبناني، ووافاها هذا المغترب الصادق حقها، فطبع مدنها وبلداتها وقراها ببصمات عمله وجهده، وطاقاته، وقدراته. فالمغترب اللبناني يتفاعل مع المجتمع ، ويتعاطى برصانة واعية، ويصادق ويصدق في حله وترحاله بكل أمانة وصفاء ضمير. ويؤثر بقوة فاعلة، ويجعل من تجارب الحياة مثالا للتعاطي والإنصهار الإنساني مع الإحتفاظ الدائم بموقع بلده الأم”.
وقال: “تابعت مسيرتك في خدمة الجناح المغترب لدى عودة اللحمة لوزارتي الخارجية والمغتربين، وباتتا وزارة واحدة. وازداد العمل ، وكثرت الهموم، وتشعبت المشاكل، وتكثفت الإتصالات ، مع سرعة التحولات والتطورات في القرية العالمية.
أيها الحفل الكريم، لقد تحققت إنجازات كثيرة في عهد الأستاذ هيثم مديراً عاماً للمغتربين اللبنانيين ومن أبرزها: مشروع البطاقة الإغترابية،والتي تسمح بإعطاء حقوق لمن فقد جنسيته اللبنانية بفعل اغترابه. يوم المغترب اللبناني ، والمعتمد نهاية الأسبوع الثاني من شهر آذار في كل عام. إنشاء وسام المغترب تقديرا لريادة المغتربين اللبنانيين وتعبيرا عن فخر دولتهم بهم. مخيم شباب لبنان المغترب، الهادف إلى تعريف شباب لبنان المغترب بوطنهم الأم. إقامة المؤتمرات المتخصصة لرجال الأعمال في بلاد الانتشار وأمثالهم في الوطن الأم”.
وأضاف: “إن هذه الانجازات القيمة لم تشغل المدير العام عن الاهتمام بموضوع إغترابي حيوي هام هو موضوع ” الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم” بل ظل يولي الجامعة الرعاية والاهتمام منذ تسلمه منصبه في العام 1993، وحتى اليوم الاخير من ولايته. والجامعة اللبنانية الثقافية في العالم ليست جمعية خيرية ، وليست جمعية طائفية، وليست جمعية الرأي الواحد والإتجاه الأوحد وليست حزبية . إنها مؤسسة جامعة لجميع المغتربين اللبنانيين على مختلف الآراء والإتجاهات والملل والنحل والمهن والحرف. لقد تأسست في العام 1960 في عهد المغفور له الرئيس فؤاد شهاب. وكان الغرض منها جمع كلمة المغتربين وتوحيد صفوفهم وتوطيد العلاقات السياسية والإقتصادية والثقافية بين لبنان المنتشر من جهة وبين الدول المضيفة ولبنان من جهة ثانية. كما كان الغرض من تأسيسها أن تكون القاسم المشترك بين جميع المغتربين اللبنانيين وأن ينصهر هؤلاء في بوتقة لبنانية واحدة ، بعيدة عن الحزبية والعقائدية فيكون التحزب للبنان ، وتكون العقيدة لبنانية صافية لا غبار عليها”.
وتابع: “رحب المغتربون اللبنانيون بهذه المؤسسة الجامعة، وأنشئت الفروع في شتى أصقاع المعمورة. وقد أمضت فترة ذهبية في الستينيات والسبعينيات . عُقدت خلالها المؤتمرات في لبنان وخارجه . وكان لهيئاتها الإدارية دور فاعل في جمع الصف وتوحيد الكلمة ورفع إسم لبنان عالياً . لكن هذه الأمنية ، كغيرها من الأماني اللبنانية الحلوة ، لم تعمّر طويلاً بسبب الأوضاع المأساوية التي عصفت بلبنان حيث تأثرت بها وانقسمت على نفسها. وكان الأمل كبيرا بان يحافظ الشطر اللبناني المغترب على وحدته ، ويكون المثال والقدوة للشطر المقيم، إلا أن هذا الأمل قد فشل وخيبته الأهواء والأنانيات. وقد أثر هذا الإنحراف على وحدة الجامعة، وتفرعت إلى جامعات جراء شهوة الزعامة والوجاهة والأنا. ولكن بعد أن انقشع الغمام وسطع نور الصفاء في لبنان جاء دور وزارة الخارجية والمغتربين مجددا، وأخذت تجهد بغية عودة اللحمة للجامعة. فأصدرت الوزارة قرارا بتاريخ 17 شباط 2009 بتأليف لجنة تضمنت عددا من السفراء اللبنانيين ومن شخصيات إغترابية مرموقة حددت مهمتها بالعمل على دراسة أوضاع الجامعة ومعالجتها وتوحيد الجامعة وتفعيل دورها”.
وقال: “عقدت هذه اللجنة إجتماعات متتالية حتى توصلت إلى إجتماع مشترك للأفرقاء المتنافسة ، وتم الإتفاق على حل مرضٍ للجميع .لكن هذا التوافق لم يدم طويلاً وعاد الخلاف والإنقسام إلى المؤسسة . ولم يرق للمهتمين بالجامعة والإغتراب اللبناني أن يبقى التشرذم قائماً فاستؤنفت المحادثات والمفاوضات بدعم من المدير العام للمغتربين اللبنانيين . وثمة مؤشرات إيجابية بالتوصل إلى إتفاق دائم ثابت يعيد اللحمة إلى الجامعة ، ويعيد قدسية الإغتراب إلى السماك الأرفع . وبالرغم من إختلاف الرأي بين أقسام الجامعة إلا أن كلا من الأفرقاء قام بأعمال مميزة في خدمة الإغتراب والمغتربين . وقد عملت الهيئة الإدارية للجامعة في مركزها الرئيسي في بيروت ، وبدعم من المدير العام للمغتربين بتكريم عدد من أصحاب الكفايات والطاقات، والقدرات الذين رفعوا إسم لبنان عاليا في مجالات الطب والإقتصاد والفن والإعلام، والأدب والخدمات الإنسانية، لكن كل هذه الأعمال المشكورة والمقدرة لا تعوض عن إنقسام الجامعة وتشرذمها فالعودة إلى الوحدة هوالأمل المنشود”.
وأضاف: “بالعودة إلى المدير العام المكرم الذي رافقني في كثير من الزيارات إلى بلدان الإغتراب للاطلاع على أوضاع المغتربين، أو لحل المشاكل العالقة أو لتمثيل لبنان في مناسبات سياسية وإجتماعية، يبقى له في ذمتي، إيفاء للحق، وراحة للضمير أن أشير إلى الكتب التي تلقيتها، وتلقاها غيري من السادة وزراء الخارجية والمغتربين، من مديرية التفتيش المركزي، تقيم بموجبها أداء المدير العام للمغتربين اللبنانيين بدرجة ممتاز. وهكذا كانت سنوات خدماته للبنان والمغتربين اللبنانيين مميزة، وقد أشيد بها من قبل المديرية المختصة ، كما تحسسها وشعر بها جميع المختصين. بالإضافة إلى جميع ما ذكرت من أعمال، فقد عين المدير العام أيضا، عضوا في لجنة استعادة الجنسية اللبنانية وهي المخولة الموافقة على طلب استعادة الجنسية اللبنانية للمغترب اللبناني إذا ما توفرت الشروط المنصوص عنها في القانون الرقم 41 الصادر في العام 2015. إن مسؤوليات جسام تحملها المدير العام للمغتربين اللبنانيين ، وقدر له أن يقوم بتحقيقها بتوفيق ونجاح”.
وختاما خاطب المحتفى به بالقول: “إن أنت استقبلت شخصا ما بالحفاوة والتكريم ، فهذا يعني أنك أحصيت أعماله فوجدته جديرا بالتكريم والتشجيع حتى يستمر في عمل ما يفيد الصالح العام ويكون معدودا في إجاداته عمله . أما أن تعقد العزم على تكريم شخص ما وهو يغادر مهمته بالفراغ من عمله ، فهذا يعني أنك لا تستطيع متابعة ما تلازم وسويته في عمله فكانت إجاداته متتابعة ، متسايرة وخطواته في تكاليف مهمته وكذلك فإن هذا يعني أن مناقبيته الأخلاقية غلبت على منهجه في الأداء واستمرار المكابدة. وقل ما يطالعك امرؤ يغادر عمله بابتسامة صادقة منبعثة من وجدان راض عما سلف من أداء وإنجاز وخدمات وتدبيرات ومخططات تصلح، وتنفع وتخدم وتجدي في ما يعتبر أساسا في ديمومة النجاح. لذا، فإن قلة هم أولئك الذين يتركون مواقع شغلوها ولكن تلك المواقع لا تترك نتاجاتهم الراعية، الموجهة، المثمرة. هذا والأستاذ هيثم جمعة هو من أولئك القلة التي عَمرت بهم المديرية العامة للمغتربين اللبنانيين وبه ارتفعت وبرزت إلى مشاهد الحواس. فلك الشكر أيها الصديق الكريم على ما تراكم من جهدك ووعيك وتدبيرك وفهمك. وستبقى آمالك وتطلعاتك ، كما آراؤك معالم راسخة وهادية مشاعل على شرفات الإطلال على ساحات الإغتراب والتواصل مع خلجات أفئدتنا في شتى أصقاع البرية”.
جمعة
والقى جمعة كلمة، قال فيها: “يطيب لي في بداية كلمتي أن أتوجه بالشكر العميق الى دولة الرئيس سعد الحريري على رعايته الكريمة لهذا الحفل والى ممثله الصديق الاخ الاستاذ أحمد الحريري كما أتوجه بالامتنان الى معالي الوزير فوزي صلوخ والسيد جوليان سيمون والى الدكتور فؤاد زمكحل ويطيب لي أن أتوجه بالشكر الخالص الى الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم بشخص رئيسها الصديق بيتر أشقر والى كل إخوانه في الجامعة في لبنان والمهجر للمبادرة الكريمة التي يقومون بها. كذلك الشكر الموصول للاعلامية المبدعة السيدة دلال قنديل ولكل من حضر من أصدقاء، وإخوان أعزاء، ورجال صحافة ومنظمين، والشكر والامتنان لمعالي وزيرالاعلام الاستاذ ملحم رياشي على مبادرته بنقل هذا الحفل مباشرة الى العالم والشكر العميق لعائلتي التي وقفت الى جانبي، كذلك الى موظفي المديرية العامة للمغتربين الذين بذلوا جهدهم الى جانب المنظمين لانجاح هذا الحفل”.
وأضاف: “على مثال الزارع الواقف قبالة حقله، وقد حان موسم الحصاد، يتأمل سنابل القمح الذهبية، المتموجة مع هبوب الريح، والمصعدة مع حفيفها نشيد الاكتفاء الى الخالق، ويرسل نظره الى البعيد، آملا في أن يطابق كيل بيدره حساب حقله. هذا ما أنا فاعله اليوم، أيها الحفل الكريم، حيث تبين لي، بما لا يقبل الريب، أن كيل بيدري مطابق لحساب حقلي، لا بل، أقول بإعتزاز، إن حصيلة الغلال فاقت كل التوقعات. لذا لا يسعني اليوم إلا أن أقف بين أحباء لي وأصدقاء لأتشارك وإياهم فرحة لا يعرفها سوى من التزم الرسالة وأخلص لها حتى النهاية. هذا ما لم أتوان عن القيام به طيلة سنوات خدمتي في المديرية العامة للمغتربين، ولا بد لي، في هذا السياق، من أن أشيد بالمغتربين، كل المغتربين، وأن أشكرهم لأنهم، بإحتضانهم لي وتجاوبهم مع طروحاتي بحماسهم البنّاء وبنجاحاتهم الباهرة، كانوا يشددون عزيمتي ويشجعونني على الاضطلاع برسالتي على الدوام”.
وتابع: “في مثل هذه المناسبة تعود بي الذكرى الى خمس وعشرين سنة خلت كان لي شرف التعاون في أثنائها مع نخبة من كبار الاغتراب والثقافة والعمل الديبلوماسي والاداري وكان لي الحظ في إكتساب الصداقات الكبيرة والخبرات الواسعة والقيم الانسانية العليا. وكنت كلما زرت مغتربا وجدت ما يشرفني ويشرف لبنان ويبشر بأن هذا الوطن الجميل باق وقوي وراسخ برسالته وتسامحه وبأبنائه في الداخل وفي رحاب بلدان الاغتراب. لقد سافرت الى أقاصي الأرض، وتنقلت من بلد الى بلد، ومن قارة الى قارة، بهمة لا تعرف الكلل ساعيا لأرفع إسم لبنان عاليا حيثما حللت. ولم أدع جالية لبنانية إلا وقصدتها غير عابئ بالمسافات البعيدة والمشقات المضنية والإ مكانات المتواضعة، كي أطلع على أحوالها، وأستمع الى مطالبها، وأبدد هواجسها، وأحضها على الوحدة والتحاب باذلا قصارى جهدي في التوفيق بين الاراء المتضاربة والتقريب بين وجهات النظر المتنابذة في زمن الشحن السياسي والديني والمذهبي”.
وقال: “لقد سافرت الى أوستراليا، أبعد بلدان الشرق الاقصى، وفي أثناء رحلتي الطويلة تلك، أدركت عمق معاناة المهاجرين في تلك البلاد النائية وشعرت بمرارة الانسلاخ عن الوطن الام وأحسست مدى تعلقهم بوطنهم الام وتفاصيله السياسية والاجتماعية والانسانية، أما أفريقيا، تلك القارة البعيدة القريبة، التي طالما إستقبلتني بالترحاب، فقد زرتها مراراً عديدة، وشاركت مغتربيها أفراحهم وأتراحهم، فكنت الى جانبهم في أزمنة اليُسر والرخاء وكنت بينهم في أزمنة المحنة والشدة، ولم نوفر وسيلة لندرأ عن أهلنا فيها نكبات الدهر بتقديمنا لهم العون والمساعدة والتعاون معهم ومع مؤسساتهم الاغترابية على تذليل كل ما يعترض مسيرتهم من صعاب ومشاكل متنوعة، والعمل على تعميق العلاقات مع شعوبها ودولها ومع مؤسساتها الحكومية”.
وتابع: “ومن أفريقيا الى الاميركيتين، بقسميها الشمالي والجنوبي، كان سروري يتعاظم من لقاء الى لقاء، ومن محطة الى محطة، لدى مشاهدتي تألق المغتربين وعظمة إنجازاتهم. لكنني، مع ذلك، لم أكن أوفر مناسبة الا وأدعوهم فيها الى توثيق علاقتهم ببلدهم الام لبنان وأن يكون إنتماؤهم اليه مدعاة فخر وإعتزاز. وما أكثر ما كنت أبين للجاليات ضرورة سلوك طريق التعاون البناء، والتحلي بالتسامح ونبذ الخلافات والابتعاد عن الخصومات المقيتة. ولم يفارقني يوما ذلك الحرص على إثارة مشاعر الشوق والحنين في قلوب أبناء تلك الجاليات الى أرض الآباء والاجداد، وأشجعهم على زيارة لبنان والتواصل مع أقاربهم، ملحا عليهم لتسجيل أبنائهم في السفارات والقنصليات للحفاظ على الروابط التي تشدهم الى بلدهم من جهة، والاحتفاظ بهويتهم اللبنانية من جهة اخرى. ولم أكتف بذلك، بل أوصيت أيضا بفتح عدة قنصليات مسلكية وفخرية تسهيلا لهذه المهمة. وقد كانت المديرية العامة للمغتربين سباقة في عقدها منذ أواسط تسعينيات القرن المنصرم، مؤتمرا خاصا من أجل استعادة الجنسية. وقد جاءت هذه المبادرة قبل صدور القانون الاخير. كما عقدت مؤتمرا آخر من أجل الحث على تعلم اللغة العربية، من دون أن تغفل سائر المسائل التي تخص الاغتراب”.
وقال: “ما عساي أن اقول بعد؟ إن الكلام يضيق عن تعداد الانجازات التي حققتها المديرية خلال هذه السنوات، والتي أخص من بينها بالذكر تلك المخيمات الشبابية التي سهرت على تنظيمها عندما كانت الظروف تسمح بذلك. ويعلم الجميع كم كان وقع أصداء هذه المخيمات عظيما في بلدان الاغتراب. لقد كان من شأن هذه النشاطات المتنوعة وهذه الخبرات المكتسبة أن حولت المديرية العامة للمغتربين، الى مرجعية وطنية علمية لجميع المهتمين بالشؤون الاغترابية، ولا سيما الطلاب الذين كانوا يقصدونها من أجل إعداد دراساتهم الجامعية حول الهجرة اللبنانية والاغتراب. والاهم من كل ما ذكرت هو أنني – يشهد الله – شرعت أبوابي لكل من أم مكتبي من أفراد ووفود اغترابية، فما رددت أحدا خائبا بل كان يخرج راضيا، شاكرا، ولعل الإنجاز الأبرز في هذه المسيرة هو بناء جسر من الثقة ما بين المغترب ووطنه وإدارته اللبنانية.
وليس يفوتني الحديث أيضا عن الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، التي حظيت منّي بإهتمام مميز، فكنت حريصا على متابعة مؤتمراتها الدورية وفي مواعيدها المقررة، وبذلت أقصى ما إستطعت من أجل تيسير أعمالها، والحفاظ على وحدتها. هذه الجامعة تستمد منعتها من لبنان وستبقى نظيره عصية على كل تجزئة”.
وتابع: “لذلك أرى أن نجاح الدور الإغترابي اللبناني في الخارج ونجاح الجامعة سيرتكزان أساسا على جمع شمل الطاقات الاغترابية وجهود المغتربين أنفسهم وأي دعوة لتشكيل لجان جديدة أو الكلام عن لجان إغترابية خارج إطار الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم يزيد على الشرذمة، شرذمة جديدة. ان الجامعة كي تحقق أهدافها النبيلة بطرق سليمة، نرى أنه يجب إعادة تنظيمها بما يتناسب مع الوقائع الجديدة في العالم خاصة في ما يتعلق بالمفاهيم المتجددة لموضوع الهجرة. لقد واظبت على نهجي الداعي الى رص الصفوف ورأب ما إنصدع الى أن نجحت أخيرا في بلوغ الهدف الذي حسبه كثيرون مستحيلا. وها هي رياح الوحدة تهب من جديد، والحمد لله، بعدما أدرك الجميع أن هذه الجامعة هي أمانة في أعناقهم، يتعين عليهم الحفاظ عليها بالانصياع الى قوانينها، والتحرر من العصبيات الفئوية والمذهبية والمناطقية، وحتى القارية”.
ودعا الى “الاسراع في توجيه الدعوة لعقد مؤتمر اغترابي تأسيسي تشارك فيه النوادي والهيئات والجمعيات الاغترابية ومسؤولو الجامعة يتم من خلاله اطلاق هذه المؤسسة الاغترابية ووضع نظام جديد لها ويمكن الاستعانة بأفضل القوانين وأفضل التجارب في هذا الحقل”.
وختم: “إن كان لي من أمل أستوحيه من تجربة ربع قرن في العمل الإداري والإغترابي والإنساني والإجتماعي هو دعوة إخواني المغتربين الى البقاء على إيمانهم بلبنان وعلى حمل رسالته لأن لبنان رسالة محبة وعطاء وحوار مستمر خلاق. وأدعوهم الى التمسك بالقيم الوطنية وبروح الاخوة والمحبة والعطاء. إن المغتربين اللبنانيين شركاء لنا في المواطنية وعلى الدولة إحتضانهم وليس ضمهم تحت عباءتها إذ لا يمكننا مطالبة مغتربينا بالتحسس بقضايا الوطن قبل مبادرة الدولة الى الانفتاح عليهم وتحسس قضاياهم. لقد أسقطت حضارة العصر، ووسائل النقل والتواصل الاجتماعي، مفهوم الاغتراب القديم، بحيث أضحى الاغتراب، على إتساع رقعته في أيامنا، ثروة لبنان الحقيقية، وعنوان عزة لبنان، وتألق العبقرية اللبنانية في شتى الميادين، ويقيني، أن خدمة المغتربين هي أفضل ما يمكن اسداؤه الى لبنان، وأنني قد اخترت النصيب الافضل لي، ولهذا الوطن الحبيب”. اكرر شكري لدولة رئيس مجلس الوزراء لرعايته هذا الاحتفال واشكر الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم لاقامة وتنظيم هذا الحدث واشكر كل الحضور الوزراء والنواب وتلفزيون لبنان وتلفزيون NBN والمتحدثين وكل من حضر”.
شهادات
وتخلل الحفل شهادات مسجلة بثت عبر الشاشة لكل من الوزير السابق عدنان منصور، الرئيس الفخري للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم احمد ناصر، المدير العام للمؤسسة المارونية للانتشار هيام بستاني، رئيس المجلس القاري الافريقي للجامعة عباس فواز، الامين العام المركزي للجامعة محمد هاشم، الرئيس السابق للجامعة مسعد حجل تحدثت عن مساهمات جمعة في بلدان الاغتراب والانجازات التي تحقق خلال فترة عمله.
وسام الجمعة
وفي الختام، تم تكريم جمعة بمنحه وسام الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم وتقليده درعا تكريمية من السفارة المصرية في لبنان ودرعا تكريمية من الرئيس السابق للجامعة مسعد حجل ودرعا تقديرية من الرائد البيئي في العالم الاغترابي بديع ابو جودة.