استنفرت دول العالم لمساعدة افريقيا على مكافحة انتشار فيروس الايبولا، مساعدات ومخططات ووعود لكن كل هذا يبقى دون جدوى عمليا في ظل معضلتين اساسيتين، الاولى تتمثل بعدم اتفاق الخبراء على الوسيلة الأساسية للعلاج التي ستتحدد بموجبها أشكال الإغاثة التي سيتم إيصالها. والثانية تتمثل بنقص الكادر الطبي والمتطوعين المدربين ما يجعل العيادات التي تنوي الدول تأمينها بلا جدوى ان كانت ستكون تحت اشرف عدد قليل من العاملين. فاميركا مثلا قالت ان ان كل مركز تنوي انشاؤه لعلاج الإيبولا سيضم مئة فراش ويحتاج إلى 230 موظفا مدربا بينهم 12 خبيرا طبيا ليعمل بكفاءة. وان كانت اميركا قد وعدت ببناء 17 مركزا طبيا فمن اين سيتم استقدام العاملين المدربين ومن سيشرف عليهم.
اكبر شحنة مساعدات فردية في التاريخ
قال الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون إن المبادرات الجديدة التي بادرت بها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ودول أخرى للمساعدة في مكافحة وباء الإيبولا الذي ينتشر على نحو متزايد في غرب أفريقيا تمثل “بداية طيبة”.
وغادرت طائرة مستأجرة 747 تحمل أكبر شحنة مساعدات فردية حتى الآن للمنطقة المنكوبة بالإيبولا حتى تاريخه -نسقت مبادرة كلينتون العالمية ومنظمات مساعدة أميركية أخرى الشحنة الموجودة على متن هذه الطائرة- مطار جون إف. كنيدي الدولي بنيويورك ظهر يوم السبت متوجهة إلى غرب أفريقيا. ومن المقرر أن تصل الطائرة إلى فريتاون بسيراليون صباح الأحد. وقال توماس تاي الرئيس التنفيذي لجماعة المساعدة دايركت ريليف التي تتخذ من كاليفورنيا مقرا والتي جمعت مئة طن من المساعدة الطبية الطارئة إن الشحنة تحتوي على 170 بالة تشتمل على قفازات وبدل واقية بالإضافة إلى معدات وقاية أخرى للموظفين الطبيين وسيستلم مسؤولون حكوميون وعمال مساعدة محليون الشحنة ويقومون بتوزيعها على 200 منشأة صحية يوم الاثنين.
وبعد ذلك من المقرر أن تتوجه الطائرة إلى مونروفيا بليبيريا حيث ستسلم باقي الشحنة وهي عبارة عن 2.8 مليون قفاز و170 الف بدلة واقية و40 الف لتر من السوائل المخلوطة التي يتم تناولها عن طريق الفم و9.8 مليون جرعة من الأدوية.
الوعود الدولية تصطدم بالواقع
من جهتها حذرت وكالات إغاثة من أن نقص المتطوعين للعمل في العيادات والمستشفيات الجديدة لاستقبال المصابين بفيروس إيبولا والتي يبنيها المجتمع الدولي في غرب أفريقيا تهدد جهود السيطرة سريعا على الفيروس. وقال أثاليا كريستي التي تعمل في قسم الصحة الدولية بمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها والتي عادت لتوها من ليبيريا “الحلقة المفقودة هي الموظفون”.
وأعلنت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي أنها سترسل أفرادا من جيشها لبناء 17 مركزا لعلاج الإيبولا في ليبيريا. ويبني مهندسون عسكريون بريطانيون مستشفى يضم 200 فراش في سيراليون بينما شكلت الأمم المتحدة بعثة خاصة لتقود هذه المساعي.
ويمثل هذا تحولا كبيرا في رد الفعل الدولي على أزمة فيروس إيبولا الذي قتل أكثر من 2500 هذا العام معظمهم في ليبيريا وسيراليون وغينيا حيث خرج تفشي الفيروس عن السيطرة مع انهيار الأنظمة الصحية.
ولا تزال هناك أسئلة كثيرة بشأن كيفية التعامل مع الفيروس المميت. ولم يتفق خبراء طبيون بعد على الوسيلة الأساسية للعلاج التي ستتحدد بموجبها أشكال الإغاثة التي سيتم إيصالها. كما أن هناك حاجة لمزيد من المال والاشخاص للعمل في تلك المنطقة وكذلك المزيد من التدريب. ويقول مسؤولون أميركيون إن كل مركز لعلاج الإيبولا يضم مئة فراش يحتاج إلى 230 موظفا مدربا بينهم 12 خبيرا طبيا ليعمل بكفاءة. وسيعني هذا استقدام أربعة آلاف موظف للمنشآت الليبيرية التي من المقرر أن تفتح أبوابها في أكتوبر /تشرين الأول وليس من الواضح من أين سيأتون. وقال رابح تورباي نائب رئيس المنظمة الطبية الدولية وهي مؤسسة غير ربحية “بناء المستشفيات وتزويدها بالمعدات أمر جيد لكن إذا لم يتوفر موظفون مدربون للعمل فيها فلن تكون ذات فائدة.”
وتساءل تورباي الذي يقود جهود المنظمة للتصدي للإيبولا “17 ألف فراش لكن من سيشرف عليها؟”
سيراليون تحت الحجر الصحي
تحولت سيراليون منذ الجمعة إلى منطقة حجر صحي واسعة، يلتزم خلالها، وطيلة 3 أيام، كافة سكان الدولة الواقعة إلى غرب القارة الإفريقية منازلهم. وخلال فترة الحجر الصحي سيقوم متطوعون بزيارات منزلية لتوعية السكان بخطر الفيروس الفتاك، في استراتيجية قال عنها وزير الإعلام، حاجي ألفا كانو « انها الوسيلة الأفضل لتحديد المرضى وعزلهم عن الأصحاء.»
وشككت منظمة “أطباء بلا حدود”، في بيان، بجدوى خطة الحكومة في منع انتشار فيروس المرض «التدبير القسري الواسع النطاق المشابه لحجر طبي إجباري يدفع الناس للتخفي ويهدد الثقة بين المواطن والجهات الصحية ويقود لتواري إصابات محتملة وتدفع بالمرضى بعيدا عن الأنظمة الصحية.»
ويشار إلى أن سيراليون ليست الدولة الإفريقية الوحيدة التي تلجأ لعملية “الحجر القسري” إذ سبقتها ليبيريا عندما فرضت عزلا صحيا لأحد أفقر ضواحي العاصمة، منروفيا، في مسعى منها لوقف انتشار إيبولا، وكانت النتيجة عمليات شغب واسعة.
رويترز – وكالات
إقرأ أيضا: فيروس إيبولا لا يملك قدرة الإنتقال عبر الهواء.. للوقت الراهن على الأقل