الوضع المأزوم في لبنان على كل الأصعدة ولا سيما الإقتصادي منه أرخى بظلاله الثقيلة على المغتربين الدين يضعون جزءاً من مدخراتهم في المصارف اللبنانية. القلق هذا مبرر بحكم أن لعدد كبير من المغتربين تجارب مريرة سابقة جعلتهم يفقدون جنى العمر أو جزءاً كبيراً منه.
تعتبر تحويلات المغتربين من أهم العوامل الداعمة للحركة والنشاط الإقتصادي وحتى أن البنك الدولي أعطاها أهمية خاصة وأطلق عليها مصطلح الإقتصاد المهاجر. و المغتربون اللبنانيون يساهمون وبشكل كبير في تفعيل الدورة الإقتصادية ودعم الموازين الإقتصادية وحتى الاحتياطات النقدية وميزان المدفوعات وتحسين مستوى المعيشة.. ومع ذلك هم يجدون أنفسهم أمام خطر الخسائر الجسيمة مجدداً.
ولأن تحويلات المغتربين هامة للغاية نجد المصارف اللبنانية تحاول كسب ود المهاجرين وذلك من خلال عشرات الوفود التي يتم إيفادها الى دول الاغتراب سنوياً حيث يلتقي هؤلاء بالأثرياء من المغتربين من أجل كسب ودهم والإستفادة من فائضهم المالي من خلال إغرائهم بفوائد الإستثمار لديهم.. وحتى أنهم يستمتعون بأوقاتهم على نفقتهم! فعلى سبيل المثال لا الحصر، حضر الى الكوت ديفوار عدداً كبيراً من أصحاب المصارف لهذه الغايات خلال السنوات الماضية.
ولكن وسط كل ما يحدث في لبنان ومع تزايد وتيرة الحديث عن إنهيار إقتصادي وإفلاس للمصارف فإن عدداً كبيراً من المستثمرين المغتربين في القطاع المصرفي باتوا يفكرون جدياً بحسب ودائعهم أو سحب جزءاً كبيراً منها لا سيما الودائع بالليرة اللبنانية وذلك خوفاً من إنخفاض قيمتها أمام العملات الأجنبية.
هاجس أخر جديد يؤرق الجالية اللبنانية بشكل عام والجاليات في أفريقيا بشكل خاص. والأجواء العامة تشير الى أن أولوية المغتربين، في حال لم يتدارك أصحاب القرار الإنهيار، هي تغيير تعاملهم الإقتصادي والإستثماري الى جهات أكثر أمناً وإستقراراً وذلك حفاظاً على جنى عمرهم وبالتالي سحب الودائع و وقف التعامل مع الوطن الأم.
وفي حال تم تنفيذ ذلك فإن الخسائر ستكون ضخمة وتقدر بملايين الدولارات، والمتضرر الوحيد في هذه المعادلة هو الإقتصاد اللبناني، لان أصحاب الوادئع سيكونون بمأمن من أي تطور سلبي يبدو انه قادم لا محالة.