يودع لبنان والعالم العربي «الشحرورة» صباح الاحد حيث يسجى جثمانها في «كاتدرائية مار جرجس المارونية» (وسط بيروت)، ويحتفل بالصلاة لراحة نفسها عند الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم نفسه في مأتم شعبي، وتوارى الثرى في مسقط رأسها في بدادون (جبل لبنان). وكانت وصيتها الأخيرة التي نشرتها كلود عقل، إبنة شقيقتها صباح، دعوة لمحبيها بالرقص والفرح وعدم البكاء والحزن لرحيلها. وقالت كلود في رسالة نشرتها على صفحة صباح على فيسبوك ان الشحرورة فارقت الحياة وهي نائمة وأنها “حتى في رحيلها كانت مثل النسمة ولم تزعج أحدا”. وتوجهت كلود لمحبي صباح بالقول “ستعود اليوم إلى ضيعتها التي أحبتها”، وأنها راحت إلى السماء عند الرب الكبير لتلاقي أهلها وإخوتها الذين اشتاقت لهم كثيرا”.
وأضافت أن “صباح الحياة وصباح الفرح والابتسامة المشرقة دائما، وصباح الضحكة المرسومة في أصعب الأوقات تودع جمهورها، وطلبت مني أن أنقل لكم أن ترقصوا” وأضافت على لسان الصبوحة التي تحدثت عن يوم وفاتها.. “أريده يوم فرح لا يوم حزن”.وقالت أن صباح طلبت منها أن تخبر محبيها أنها تحبهم أيضا، لذلك تود أن يكونوا فرحين برحيلها كما كانوا فرحين بوجودها، وأنها تود إدخال السعادة إلى قلوبهم كما كانت تفعل دائما، وتمنت أن يتذكرها الناس دائما.
كما جاء في رسالة كلود عقل أن “صباح لم تعد معنا بجسدها لكنها ستظل في قلوبنا إلى الأبد”، وكتبت “كنت أتمنى أن أعطيها من عمري لتبقى لكنها إرادة الله وميعاده الذي لا يملك أي أحد التدخل فيه”. وطلبت كلود عقل من محبي شحرورة الوادي بالصلاة من أجل روحها، مضيفة.. “الله يرحمك يا صبوحة ويغفر لك وتكون نفسك بالسما مع الأبرار والقديسين”.
ولصباح تأثير كبير في عالم الفن العربي لا لصوتها الرائع وإرثها الكبير، لكنها كانت الاولى التي تمكنت من «كسر» اسوار الفن المصري والدخول اليه من ابواب الغناء والسينما. حاربت كثيرا في لتحقيق ما تريده وفي النهاية .لاحقتها الشائعات طوال حياتها خصوصا وانها تزوجت اكثر من مرة .لم تشعر يوما بانها ملزمة لتبيرير نفسها او ما تقوم به، كانت «ديفا» تفعل ما تريده. عرف عنها انها محبة للسعادة والحياة، فكانت تسرق اي لحظة سعادة تمر أمامها، وكان الروتين عدوها الاول لذلك اقترنت اكثر من ثماني مرات.
قيل ان «الفستان والرجل هما أولويات صباح في الحياة» واشتهرت من خلالهما. فكانت ملكة الاناقة والمزواجة بشكل دائم.
شاركت صباح في نحو 83 فيلما ما بين مصري ولبناني و27 مسرحية لبنانية وغنت حوالي 4000 أغنية. بدايتها الفنية كانت في صغرها في لبنان واستطاعت أن تتميز بشهرتها المحلية إلى أن لفتت انتباه المنتجة السينمائية اللبنانية الأصل آسيا داغر والتي كانت تعمل في القاهرة فأوعزت إلى وكيلها في لبنان قيصر يونس لعقد اتفاق معها لثلاثة أفلام دفعة واحدة.
ذهبت إلى أسيوط في مصر برفقه والدها ووالدتها ونزلوا ضيوفا على آسيا داغر في منزلها في القاهرة وكلف الملحن رياض السنباطي بتدريبها فنيا ووضع الألحان التي ستغنيها في الفيلم وفي تلك الفترة اختفى اسم “جانيت الشحرورة” وحل مكانه اسم “صباح” في فيلم (القلب له واحد). وصباح ثاني فنانة عربية بعد أم كلثوم في أواخر الستينيات تغني على مسرح الأولمبيا في باريس مع فرقة روميو لحود الاستعراضية وذلك في منتصف سبعينيات القرن الماضي كما وقفت على مسارح عالمية أخرى.
غازل صوتها ألحان محمد عبد الوهاب كما في أغنية (ع الضيعة) و(كرم الهوى) و(سنة حلوة يا جميل) و(كل ما بشوفك كل ما بتحلى) و(احبك ياني) وتدلع صوتها مع فريد الاطرش في أغاني مثل (حلوة لبنان) و(يا دلع دلع) وارتاح في جمهورية الأخوين رحباني في (سفرني معك) و(القوي لبنان الغني لبنان) و(يا خيل بالليل اشتدي) وسافر مع الفنان اللبناني روميو لحود في (يا مسافر وقف ع الدرب وودعني ولنو بنظرة).
لكن أغانيها مع الملحن المصري بليغ حمدي نالت حظا أكبر من الشهرة مثل (يانا يانا) و(بيقولوي توبي) و(زي العسل) و(كل حب وانت طيب) و(عدى علي وسلم) كما غنت العديد من الاغنيات للملحن اللبناني فيلمون وهبي مثل (يا امي دولبني الهوى) و(شو اسمك). وقدمت صباح العديد من الاغنيات لملحنين مصريين آخرين أبرزهم محمد الموجي وكمال الطويل.
وصباح تزوجت الحياة بسعادة ولم يلحظ محبوها مظاهر حزن على مسيرتها. وفي آواخر أحاديث إعلامية لها كانت تستقبل الموت كلحن جديد. لكن الأغنية الوحيدة التي عكست ما في داخلها كانت (ساعات ساعات أحب عمري وأعشق الحاجات) من كلمات الشاعر المصري عبد الرحمن الأبنودي وألحان المصري جمال سلامة من فيلم (ليلة بكى فيها القمر) عام 1980.
كانت لها مشاركة مميزة في الكثير من مهرجانات الصيف اللبنانية وخصوصا مهرجانات بعلبك. قدمت 27 مسرحية لبنانية من بينها (الشلال) عام 1963 و(موسم العز) و (دواليب الهوى) وجميعهم من أعمال الاخوين رحباني. وكانت آخر مسرحية لها هي مسرحية (كنز الاسطورة) عام 1997 مع زوجها السابق فادي لبنان.
وظهرت في آخر فيديو كليب في إعادة لاغنية (يانا يانا) من الحان بليغ حمدي والتي سبق لها تقديمها عام 1967 في فيلم (كانت أيام) من أخراج المصري حلمي حليم وبطولة وإنتاج الممثل المصري رشدي أباظة الذي تزوجها سريعا ولفترة قصيرة.
مر في حياتها سبع زيجات معلنة (وتقول بعض وسائل الاعلام ان زيجاتها بلغت العشرة) رسميا وهم اللبناني نجيب شماس والد ابنها الدكتور صباح شماس وقضت معه خمس سنوات وعازف الكمان المصري أنور منسي وقضت معه أربع سنوات أنجبت منه ابنتها هويدا والمذيع المصري أحمد فراج وقضت معه ثلاث سنوات والفنان المصري رشدي أباظة وقضت معه خمسة أشهر والنائب في البرلمان اللبناني يوسف حمود وقضت معه سنتين والفنان اللبناني وسيم طبارة وقضت معه أربع سنوات والفنان فادي لبنان وقضت معه 17 عاما. في شهر رمضان عام 2011 تم عرض مسلسل عن قصة حياتها أسمه (الشحرورة) وجسدت الفنانة اللبنانية كارول سماحة دورها.
إقرأ أيضا: وفاة الفنانة اللبنانية صباح