Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

بينما تشتعل دول الجوار بالحروب والنزاعات.. المليارات تحمي إقتصاد دول الخليج

لسنوات ظلت دول الخليج الغنية بالنفط تكافح لتقي نفسها من الاضطرابات السياسية التي تعصف بأجزاء أخرى في المنطقة المضطربة إلى أن جاءت أحداث العراق الأخيرة لتكشف من خلال رد فعل الأسواق أن هذا الكفاح ربما أوتي ثمره أخيرا. فالسعودية والكويت تواجهان خطر تفكك بلد يقع على حدودهما. والاضطرابات العراقية ستوسع -على أقل تقدير- الانقسام السني الشيعي الذي سمم الأجواء السياسية في المنطقة.

لكن على النقيض من الاضطرابات التي هزت المنطقة سابقا.. يتسم رد فعل أسواق المال الخليجية بالهدوء في معظمه. ولا يزال المستثمرون الأجانب يصبون مئات الملايين من الدولارات في سندات المنطقة. وما من علامات تدل على وجود ضغوط على مسألة ربط العملات الخليجية بالدولار الأميركي.وتراجعت مؤشرات أسواق الأسهم لكن معظم المتعاملين يرون في ذلك ردة طبيعية بعد المكاسب الضخمة التي تحققت هذا العام لا ذعرا من الأحداث السياسية.

وقال اقتصاديون ومديرو صناديق استثمار إن هذا الهدوء يعكس مدى نجاح الخليج في بناء موارده المالية بعد ارتفاع أسعار النفط واستخدامها كوسيلة دفاع في مواجهة الاضطرابات الإقليمية وكذلك نجاحه في احتواء آثار انتفاضات الربيع العربي على الساحة السياسية الداخلية على مدى السنوات الثلاث الماضية.

قال جيسون توفي الاقتصادي المتخصص بشؤون الشرق الأوسط في شركة كابيتال إيكونوميكس للاستشارات في لندن “أعتقد أن الناس ترى الآن أن الخليج محميا بشكل جيد من الأحداث السياسية من حوله.”

وأضاف أنه يصعب على المرء أن يلمس أي تأثير مباشر للأحداث في العراق على دول الخليج ربما باستثناء وحيد تمثل في المنطقة الشرقية بالسعودية والتي شهدت اضطرابات محدودة بين الأقلية الشيعية. وإذا كان هناك أي تأثير -حسب قوله- فإن حكومات المنطقة لديها من المال والموارد الأمنية ما يتيح لها التعامل مع الأمر.و كابدت المنطقة سلسلة من الصدمات السياسية منذ أوائل عام 2011 عندما أثارت الثورات في مصر ودول عربية أخرى احتمال حدوث اضطرابات مماثلة في الخليج.

كانت تكلفة تأمين الديون السعودية لأجل خمس سنوات من العجز عن السداد -وهي تكلفة التأمين ضد خطر العجز عن سداد الدين السيادي السعودي ومن ثم فهي مؤشر لمدى قلق المستثمرين الأجانب إزاء الخليج- قد قفزت إلى ذروة بلغت 140 نقطة أساس في فبراير/ شباط 2011.

وقفزت التكلفة مرة أخرى إلى ذلك المستوى في أوائل 2012 وسط التوترات الدولية إزاء البرنامج النووي الإيراني. وحدثت قفزة وإن كانت أقل في أغسطس/ آب 2013 حين هددت الولايات المتحدة بقصف دمشق بسبب استخدام أسلحة كيماوية.

غير أن تكلفة تأمين الديون ظلت متدنية هذا الشهر وانخفضت إلى 37 نقطة أساس الأسبوع الماضي مسجلة أدنى مستوى منذ أوائل 2013. ولم يطرأ تغير يذكر على سوق العقود الآجلة للريال السعودي التي قفزت خلال الربيع العربي على نحو كشف عن توقعات بخفض قيمة الريال. وفي علامة أخرى على الثقة في الخليج.. باعت شركة اتصالات الإماراتية سندات بقيمة 4.3 مليار دولار يوم الأربعاء الماضي في أضخم إصدار تطرحه شركة بالمنطقة على الإطلاق.

وقال مصرفيون إن البيع الذي جاء بعد يوم واحد من سيطرة مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام على الموصل اجتذب طلبا كبيرا من مديري صناديق الاستثمار الأوروبية بوجه خاص وسجل رقما قياسيا كأقل سعر لأي سندات خليجية بالنسبة إلى تكلفة تأمين الديون المتوسطة الأجل.

ومن أسباب الثقة المتنامية في الخليج أن ارتفاع أسعار النفط العالمية على مدى ثلاث سنوات مكن معظم حكوماته من تكوين احتياطي مالي مما جعلها في وضع أفضل للتكيف مع أي صدمات سياسية أو اقتصادية.فصافي الاحتياطي السعودي من النقد الأجنبي على سبيل المثال زاد بأكثر من الثلث منذ عام 2011 ليصل إلى 730 مليار دولار وهو ما يكفي لتغطية إنفاق الدولة بالمستويات الحالية لعدة سنوات حتى وإن تدنت إيرادات النفط تدنيا شديدا غدا.

كما أن حكومات مجلس التعاون الخليجي أظهرت خلال الأعوام الثلاثة الماضية -وعلى النقيض من العراق- أن بإمكانها إنفاق أموال النفط بكفاءة من شأنها الحفاظ على السلام الاجتماعي. فالسعودية وجهت عشرات المليارات من الدولارات إلى المزايا الاجتماعية والإسكان الجديد وتوفير فرص عمل جديدة لتجنب أي اضطرابات للمطالبة بالديمقراطية.

قال رضا أغا كبير الاقتصاديين لشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا في (في.تي.بي كابيتال) في لندن إن الحكومات باتت أكثر استعدادا مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات “لمواجهة الخطر الطائفي. فالاحتياطيات المالية التي تتيح لها ذلك أكبر وظروف الاقتصاد الكلي أفضل.”

وأشار إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي أسست أيضا منذ الربيع العربي آلية دعم مشترك تعهدت فيها كل حكومة من الحكومات الأغنى -وهي السعودية والإمارات والكويت وقطر- بعشرة مليارات دولار للحكومات الأقل ثراء لتمويل مشروعات اقتصادية واجتماعية.

وإن حدث وجذبت المواجهة الطائفية بالعراق إيران إليها على الجانب الشيعي فإن الأسر الحاكمة السنية بالخليج يمكن من الناحية النظرية أن تنساق باتجاه صراع يضر باقتصادها ويهدد أمنها. ومن شأن هذا أن يترك أثرا قويا على الأسواق المالية.

حتى في هذه الحالة يمكن أن يصبح الوضع المالي لدول الخليج أقوى بشكل أو آخر إذ ستعزز أسعار النفط الأعلى دخلها.

رويترز  

Leave a comment

0.0/5

Go to Top

بينما تشتعل دول الجوار بالحروب والنزاعات.. المليارات تحمي إقتصاد دول الخليج