يواصل موقع «البحار نت» نشر قصص وحكايات المغتربين اللبنانين حول العالم. «حكاية مغترب» ترصد تفاصيل تجارب مغتربين وضبوا حياتهم في حقائب سفر وإنتقلوا الى بلاد مختلفة.
المغترب اللبناني سلطان ديب إختبر مرارة الهجرة باكرا، هو الذي ولد وترعرع في الكويت تعلم معنى الإغتراب في سن مبكرة. وعوض أن تكون ذكريات الطفولة عن قرية أو مدينة أو حي في لبنان، تراكمت ذكريات رديفة عن طفولة تنتظر موعد زيارة الوطن كي تختزن أكبر قدر ممكن من رائحة قريته. أجهد عقله لحفظ تفاصيل الطرقات وملامح وجوه وأسماء.. فهذا وطنه وهذه قريته وهؤلاء أقاربه ولا بد أن يعرفهم جميعا قبل أن يعود مجددا مغتربا بعد نهاية العطلة.
سنوات الحياة الجامعية إختلفت بالنسبة لديب، فعاد الى لبنان ليتخرج من الجامعة اللبنانية في بيروت. حاول أن يستقر في لبنان وأن يتحايل على راتب الوظيفة كي يكفي متطلبات العائلة التي كونها حديثا، الهجرة مجددا لم تكن خيارا.
لكن الاوضاع الاقتصادية المتردية القت بثقلها عليه، ولم يكن أمامه من خيار سوى الهجرة مجددا. وهكذا وضب حقائب السفر وإنطلق في رحلة إغتراب جديدة الى القارة الافريقية وتحديدا أبيدجان. هذه المرة وجد بعض العزاء في أقاربه الذين هاجروا بدورهم الى أبيدجان واستقروا هناك. لم يعد للشهادة الجامعية من أهمية، لقد هاجر مجددا للعمل في أي مجال لتأمين حياة كريمة لعائلته. وهذا ما حصل، عمل سلطان ديب في مجالات مختلفة كالتجارة والمقاولات والإعمار . ولا تعد هذه المهن بغريبة على اللبنانين حيث يمتهنها الالاف.
ولعل الغربة التي بدأت باكرا في حياة سلطان ديب قد تركت أثرها عليه، فتجده يسعى جاهدا لتعزير العلاقات الإجتماعية والروابط مع العائلات اللبنانية في تلك الدولة الإفريقية. فلا توجه سياسي ولا إختلاف في الدين يعكر صفو العلاقات التي نسجها مع العائلات اللبنانية المهاجرة. فالفرقة التي يسعى أهل السياسة جاهدين الى تكريسها بين اللبنانين تختفي أمام إصرار عائلات وأقارب وأصدقاء على الإعتناء ببعضهم البعض في بلاد الغربة..فلا اختلاف ديني أو سياسي يعكر صفو الحياة هناك.
