أكد خبراء في الطب العدلي في تشيلي إن الفحوص الأولية التي اجروها على رفات الشاعر بابلو نيرودا الحائز على جائزة نوبل أكدت اصابته بمرض السرطان عند وفاته.
كان نيرودا ذو التوجهات اليسارية قد توفي عام 1973 بعد أيام فقط من الانقلاب العسكري الذي قاده ديكتاتور تشيلي السابق الجنرال اوغستو بينوشيت.
وكانت السلطات التشيلية قد أمرت الشهر الماضي باستخراج رفات نيرودا واخضاعها للفحوص المختبرية للتحقق من الادعاءات القائلة إنه مات مسموما بأيدي عملاء للسلطات الانقلابية.
وكان الاعتقاد السائد أن نيرودا توفي متأثرا بسرطان البروستاتا.
ويبدو ان النتائج التي توصل اليها الخبراء اليوم تؤكد الرواية الرسمية القائلة إن الشاعر الشهير مات ميتة طبيعية.
ولكن المحامي ادواردو كونتريراس، الذي تكفل برفع دعوى استخراج الرفات نيابة عن الحزب الشيوعي التشيلي، قال إنه من المبكر جدا التوصل إلى استنتاج قاطع حول الموضوع.
وأضاف المحامي أن النتيجة ستكشف بعد ان تخضع الرفات لفحص سمي في مختبر متخصص في الولايات المتحدة.
وقال كونتريراس “ليس بالشيء الجديد أن نسمع باصابة نيرودا بالسرطان، ومن المنطقي جدا أن تظهر علامات اصابته بهذا المرض في الصور الشعاعية التي التقطت لعظامه.”
استخراج الرفات الشهر الفائت
مع إستخراج رفات الشاعر التشيلي الشهير بابلو نيرودا الفائز بجائزة نوبل عملت الجهات المختصة الى حسم الجدل الذي يحيط بأسباب وفاته. وذلك في محاولة لاكتشاف ما اذا كان قد قتل من قبل نظام أوغستو بينوشيت الانقلابي كما يدعي احد مساعديه. ونيرودا المدفون في حديقة منزله على شاطئ المحيط الهادئ الى جانب زوجته ماتيلدا اوروتيا توفي وفق ما اعلن حينها بسبب سرطان البروتستات، لكن مساعد نيرودا السابق يؤكد انه تم قتله.
نيرودا الذي توفي عن 69 عاما في الثالث والعشرين من سبتمبر / أيلول 1973، اي بعد 12 يوما فقط من الانقلاب العسكري الدموي الذي قاده بينوشيت على الحكومة المنتخبة ديمقراطيا والتي كان يترأسها سلفادور الليندي كان من ينوي السفر الى المكسيك لقيادة المعارضة. ونقل موقع “بي بي سي” عن مساعد نيرودا السابق مانويل ارايا تأكيده اغتياله من قبل الانقلابيين،””لن أغير روايتي حتى مماتي. لقد مات نيرودا مقتولا، لم يريدوا ان يغادر البلاد فقتلوه.”
وسبب وفاته كما هو مدرج في شهادة الوفاة هو سرطان البروستاتا، وهو رأي لم يخالفه كثيرون على مدى 40 عاما. واخيرا وبعد 40 عاما اخذت اتهامات أرايا على محمل الجد وقرر قاض بعد التحقيق في القضية استخراج الرفات وفحصها. وسيبحث الخبراء عن أمرين: الاول يتمثل في دعم او استثناء نظرية السرطان من خلال معاينة الأثر الذي تركه مرض السرطان على عظامه وبالتالي معرفة ان كان في مراحله المتقدمة. وعلى الرغم من ان معرفة مرحلة السرطان سيرجح كفة فرضية الوفاة بسبب السرطان لكنه لن يثبتها بشكل قاطع. اما الامر الثاني الذي سبحثون عنه فهو السم، واكتشاف آثر للسم سيثبت صحة ادعاءات أرايا. لكن العقبة تكمن في ان اعضاء الجسم وانسجته قد تفسخت بعد 40 سنة. عقبة قد تزيد المهمة صعوبة لكنها لن تجعلها مستحيلة خصوصا في ظل التطور التقني الذي شهده المجال الطب الجنائي.
وكان الشاعر قد توفي في مستشفى سانتا ماريا في العاصمة سنتياغو بسبب عجز القلب وفق ما اعلن حينها، لكن التقرير الطبي حول نيرودا اختفى من المستشفى في الوقت الذي تخلو شهادة الوفاة من اي إشارة لعجز في القلب. كما ان السجل الطبي المتعلق بعملية خضع لها نيردوا في مستشفى اخر قبل وفاته قد اختفى ايضا. وقد طلب القاضي سجلات نيرودا الطبية من مستشفى في فرنسا حيث عولج أوائل السبعينيات لكن تلك السجلات لم يتم العثور عليها أيضا.
ويقول أرايا ومعه الحزب الشيوعي التشيلي إن اختفاء السجلات امر مريب، خصوصا وان نيرودا شخصية مشهورة حازت على جائزة نوبل وشغلت مناصب دبلوماسية رفيعة.
ويروي أرايا للبي بي سي ما حدث بعيد انقلاب بينوشيت:” أدخل بابلو الى المستشفى في التاسع عشر من سبتمبر / ايلول 1973، وكان ينوي التوجه الى المكسيك في الرابع والعشرين من الشهر نفسه.في صبيحة 23 سبتمبر / ايلول، عدنا انا وزوجته ماتيلدا الى منوله في ايلا نيغرا لجلب بعض من حاجياته، وعندما كنا هناك استلمنا مكالمة هاتفية من نيرودا قال فيها “عودا الى هنا بسرعة، فعندما كنت نائما جاء طبيب وأعطاني حقنة في البطن.”
عدنا الى سنتياغو فورا، ولكن نيرودا توفي في الساعة 11 من مساء ذلك اليوم.” اما ماتيلدا اوروتيا فقد توفيت عام 1985، وكانت الى اواخر ايامها تنفي ان يكون نيرودا مات بالسرطان، ولكنها لم تدع انه مات مقتولا.