إنتشر أمس على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يوثق محافظ بيروت والشمال ناصيف قالوش وهو يتحرّش بالموظفة في مختبر بلدية الميناء في طرابلس هدى سنكري جنسياً مقابل توقيع تجديد عقدها مع الإدارة الرسمية التي يديرها.لكن سرعان ما نفى قالوش صحة هذا الفيلم وقال إنه مفبرك لابتزازه.
وكانت هدى صوّرت الفيلم في مكتب قالوش في تاريخ 14-1-2014. وقد احتفظت سنكري بالفيديو لأكثر من شهرين ونصف، قبل أن تفكر في نشره على موقع «التحري».
ووفق جريدة «الأخبار» اللبنانية فان هدى كانت بحاجة الى توقيع المحافظ لتجديد عقدها السنوي خلال الفترة التي صدر فيها قرار حلّ بلدية الميناء في أيلول الماضي وانتقال صلاحيات الرئيس محمد عيسى إلى المحافظ ناصيف قالوش.
فلجأت إلى قالوش وحين قصدت مكتبه انتظرت أربع ساعات. وحين التقته، أعطاها رقم هاتفه الشخصي وطلب منها الاتصال به ليلتقيها بعد الدوام. وبعد أيام، اتصلت بها سكرتيرته، وحدّدت لها موعداً في يوم خميس، وهو يوم لا يحضر فيه عادة إلى السرايا. وخلال اللقاء، تحرّش بها وقبّلها في رقبتها قبل أن تخرج من مكتبه غاضبة.
لجأت بعد ذلك، من خلال الوساطات، إلى الرئيس نجيب ميقاتي (وكان لا يزال رئيساً للحكومة بالتصرّف) الذي اتصل بقالوش وطلب منه تجديد عقد هدى، لكن الأخير لم يفعل، بل جدّد عقد موظفين آخرين واستثناها من الأمر. عندها قررت ألّا تسكت عن الظلم الذي لحق بها من خلال تصوير الفيديو الذي يثبت أن قرار عدم تجديد عقد عملها سببه الابتزاز الجنسي الذي يمارسه عليها، كما تقول.
خلال الدقائق العشرة التي صورتها هدى، وكان يوم دوام عادي،وقد حاولت سنكري مراراً، دفعه إلى تكرار ما قاله في لقائهما الماضي. صحيح أن كلامه لم يكن مباشراً بالصراحة التي نقلتها هدى عنه في اللقاء الأول، إلا أن عباراته كانت دالّة: «مش عم بمضيلك لأنك ما عم تحكي معي»، «إنتو بتطمعوا باللي بيحبكن»، تسأله: لحّقت؟ فيجيبها «إيه لحّقت… بيِسْوا من 5 دقائق». «بعدك عم تغلطي، ما حدا عم يحفرلك إلا إذا أنت بدّك من دون ما تدري»، «الكلام اللي قلت لك إياه المرة الماضية، فكرت عم تسمعيه»… هذا فضلا عن حركات جسده، التي أكد أكثر من خبير أمني لهدى أنها تتضمن «أكثر من جرم».
ووفق الصحيفة نفسها فانه بعد تصوير الفيديو، بات على هدى الانتقال إلى الخطوة التالية. نصحت من قبل محام تعرفه باللجوء إلى الجمعيات التي قد تمثل سندا لها إذا جرت محاولات للفلفة القضية بسبب الضغوط السياسية التي قد تمارس. وقد ساعدتها على التواصل مع عدد من هذه الجمعيات الناشطة ناريمان الشمعة، لكن ردود الفعل لم تأت على قدر الآمال «البعض كان خائفاً ولديه مصالحه، ومنهم من عبر عن مخاوفه، وخصوصاً أننا لم نقدّم كل المعطيات حفاظاً على سرية الموضوع، وهؤلاء نعذرهم» تقول الشمعة، التي تعبر عن صدمتها بعدد من المحامين الذين اعتذروا عن عدم تولي القضية.
هدى، التي كانت قد ترشّحت عام 2009 للانتخابات النيابية، تحتفظ في هاتفها برقم الزميلة غادة عيد، التي كانت قد استضافتها في برنامجها للإضاءة على السيدات اللواتي يترشحن للانتخابات. اتصلت بها، وطلبت لقاءها لتروي لها قصتها طالبة المساعدة. طلبت منها عيد، التي تدير موقع «التحرّي» الالكتروني، التقدّم بشكوى قبل نشر الشريط لكي تأخذ الأمور مسارها القانوني الطبيعي، وهذا ما حصل.
أول من أمس، توجهت هدى إلى وزارة الداخلية والتقت الوزير نهاد المشنوق، الذي طلب مهلة لليوم التالي لكي يقرأ الشكوى ويشاهد الفيديو. وأمس، استقبلها مجدداً، وقال لها إنه لن يستبق التحقيقات، لكنه وعدها بأن ينصفها. وهذا يعني، أنه في حال ثبوت استغلال قالوش لمنصبه، وتعرّض هدى للابتزاز الجنسي، سيحوّل التفتيش المركزي قالوش إلى القضاء لمحاكمته، لكن المؤسف أن لا قانون في لبنان يعاقب على التحرّش الجنسي، والمواد المتصلّة بهذا الموضوع في قانون العقوبات مطاطة وتحتمل التأويل. لذا تعوّل هدى على ملاحقة قالوش بسبب استغلاله لمنصبه.
وفي وقت متأخر من ليل أمس، وبعد محاولات عديدة للاتصال به، أصدر المشنوق بياناً قال فيه إنه «اتخذ الإجراءات الإدارية اللازمة. ورفض المشنوق التعليق أكثر من ذلك على الموضوع حرصاً على دقّته وضرورة التعاطي مع المعلومات المنشورة بموضوعية ودون تشهير ووفقاً للقوانين المرعية الإجراء».