تحقيقان خلال فترة قصيرة عن ظروف العمالة الاجنبية في قطر كان كفيلين بلفت انتباه العالم ودفع قطر للرد. فمنذ اشهر نشرت محطة «سي ان ان » تقريرا عن اوضاع العمال الاجانب ومعاناتهم، ورغم ان المحطة استعملت مصطلح الاستعباد الذي استعملته مجددا صحيفة «الغارديان» الا ان الضجة خفتت تدريجيا. تحقيق اخر نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية امس تحت عنوان «عبيد كأس العالم في قطر» اعاد القصة الى الواجهة، الامر الذي دفع الهيئة المنظمة لكأس العالم بالاعراب عن قلقها من نتائج التحقيق.
ويبدو ان الخناق يضيق اكثر واكثر على قطر بعد جدل لا ينتهي اعلاميا حول مونديال في الصيف او في الشتاء وعن الضغوطات السياسية التي ادت الى منح قطر حق الاستضافة، ونفي وتأكيد وتصريحات من هنا وهناك مستمرة من اشهر.
وقالت إن الحكومة القطرية سوف تبحث بدورها في «المزاعم» التي نشرتها صحيفة الغارديان والتي قالت فيها إن عمالا نيباليين في قطر “يواجهون الاستغلال وسوء المعاملة التي تصل إلى العبودية الحديثة”. وأفاد بيان قطري “ليس هناك عذر في معاملة أي عامل في قطر بهذه الطريقة.”
وتقول تحقيقات «الغارديان» أن 44 عاملا فقدوا حياتهم بين 4 يونيو/حزيران و 8 أغسطس/آب بسبب اعتلالات مرتبطة بالقلب أو حوادث العمل، وتؤكد على وجود أدلة على استخدام السخرة في مشاريع البنية التحتية الرئيسية لكأس العالم. وتنقل الصحيفة عن عمال نيباليون قولهم انهم لم يحصلوا على رواتبهم منذ أشهرعدة وان حجز الرواتب ومصادرة جوازات السفر يهدف الى الحد من تحركاتهم.
ويشير التحقيق إلى أن وفاة العمال النيباليين في قطر يحدث بمعدل حالة واحدة يومياً، ومعظمهم من الشبان الذين يصابون بأزمة قلبية. وأضاف التقرير أن النيباليين، الذين يمثّلون النسبة الأكبر بين العمال في قطر، يواجهون عمليات استغلال وانتهاكات يمكن أن توصَف بأنها «عبودية»، وفقاً للمقاييس الحالية لمنظمة العمل الدولية.
ووفقا لوثائق حصلت عليها «الغارديان» من سفارة نيبال في الدوحة، فإن هناك 44 عاملاً نيبالياً لقوا حتفهم في الفترة ما بين 4 حزيران و8 آب الماضيين، نصفهم عانوا أزمات قلبية، والآخرون توفوا نتيجة حوادث في موقع عملهم، كما ندد بعض العمال النيباليين بعدم حصولهم على أجورهم لبضعة أشهر، فيما صودرت جوازات سفر بعضهم، وندّد عدد منهم برفض تزويدهم بالمياه خلال عملهم في الطقس الحار الذي يجتاح قطر خلال فصل الصيف. وأضافت الصحيفة إن هناك 30 عاملاً نيبالياً لجأوا الى سفارة بلادهم في الدوحة للهروب من «ظروف عملهم الوحشية» هناك.
ونقلت الصحيفة عن أحد العاملين في مدينة لوسيل، وهي واحدة من أهم المدن القطرية التي ستستضيف مونديال 2022، كما سيقام فيها الاستاد الذي سيستضيف نهائي المونديال، قوله إن هناك عدداً من العاملين الذين يرغبون في مغادرة قطر، لكن الشركة التي يعملون فيها لا تسمح لهم بذلك.
وتشير «الغارديان» إلى أن الرجال الذين يعملون في قطاع البناء في قطر يعانون ظروف عمل مخيفة، فقد يصل الأمر إلى تقاسم 12 عاملاً منهم غرفة واحدة في مناطق إقامة سيئة. وصرح عامل يدعى رام مهران للصحيفة: «نحن نعمل ومعدتنا فارغة على مدار 24 ساعة: 12 ساعة عمل و12 أخرى من دون طعام طوال الليل. وعندما تقدمت بشكوى قام رئيسي في العمل بالاعتداء عليّ وطردني من المكان الذي كنت أقيم فيه، كما رفض دفع أجري، وهذا ما دفعني إلى التسوّل لكي أحصل على الطعام».وتابع البيان الصادر عن منظمي كأس العالم “إن الصحة والسلامة والرعاية والكرامة لكل عامل يساهم في تنظيم كأس العالم 2022 تحتل أهمية قصوى لدى لجنتنا، ونحن ملتزمون بضمان أن يكون الحدث حافزا لتوفيرتحسينات مستدامة في حياة جميع العاملين في قطر “.
ويصر المسؤولين القطريون على أن ظروف العمل سوف تكون مناسبة للمشاركين في بناء مرافق كأس العالم. وأضاف البيان: ” نعتقد اعتقادا راسخا بأن جميع العمال المشتغلين في مشاريعنا، وهؤلاء التابعين لشركات تطوير البنى التحتية في قطر، لهم حق التمتع بمعاملة بطريقة تكفل في جميع الأوقات رعايتهم وسلامتهم وأمنهم.”
وأضاف “يحتل ذلك قمة أولوياتنا ونحن نفي بالتعهدات التي قطعناها في عرضنا لاستضافة كأس العالم 2022 في قطر.”
وثمة دراسات تفصيلية لكأس العالم 2022 تتعلق بالمخاوف المرتبطة بتأثيرات درجات حرارة الصيف الحارقة في قطر على اللاعبين. وسوف تجتمع اللجنة التنفيذية للفيفا في الثالث من أكتوبر/تشرين الأول لمناقشة إمكانية تنظيم البطولة في فصل الشتاء.