الحشرات المزعجة التي تعتبر المسبب الأول لتعالي صيحات الخوف من المنازل حول العالم. البعض لا يخاف من الحشرات بشكل عام، لكن حين يتعلق الأمر بالصراصير فإن ردة الفعل تختلف تماماً.
تجمد وصراخ وخوف وقرف كما لو كان ما يواجهه هو أسد مفترس وليس حشرة يمكن القضاء عليها من خلال ضربة حذاء لا أكثر.
لطالما ربط الخوف بالصراصير بالنساء، لكن هناك فئة كبيرة من الرجال تخاف منها، لكنها تدعي أن الأمر ليس خوفاً بل مجرد قرف واشمئزاز. ووفقاً للعلماء، فإن الخوف من الصراصير مرض ويمكن علاجه.
كاتساريدافوبيا
كاتساريدافوبيا أو رهاب الصراصير هو المرض الذي نتحدث عنه، والذي نعرفه بشكل مبسط بصراخ أحد أفراد عائلتنا «صرصور» والتجمد في مكانه أو الهرب إلى مكان آخر حتى يأتي «المنقذ» ويقوم بقتل الحشرة.
المرض هذا يعرف بأنه خلل يتوزع بين النفسي والجيني. السبب الجيني يرتبط بأجدادنا الذين كانوا يملكون «جهاز إنذار بيولوجي» ضد هذه الحشرات خلال تواجدهم في الكهوف والعراء وهكذا تم تمرير هذه الجينات عبر الأجيال.
لكن العامل الجيني غير مؤثر لكون الصراصير لم تكن مؤذية أو عاملاً مهدداً للحياة لهم. السؤال المطروح هنا: لماذا يتأثر البعض أكثر من غيرهم ولماذا هذه الحشرة بالذات؟
الإجابة تكمن في شكل هذه الحشرة وبمخيلة البشر وبتجارب سابقة. الصرصور ليس أجمل الحشرات بالتأكيد، فهو بقوائمه الخشنة المنشرية، ولونه البني الذي يميل إلى السواد، وحتى ذلك البريق الذي يظهر عليه جميعها تجعلنا نشعر بالاشمئزاز لأننا نربطها بالمكان الذي يتواجد فيه.
فالصرصور هو مرادف لكل ما هو مقزز لكونه يعيش في مجاري الصرف الصحي، الأمر الذي يجعله كتلة متحركة من البكتيريا والجراثيم والأمراض الفتاكة والمهدد لنظافة محيطنا.
وعليه فان الذين يعانون أصلاً من خوف من الأمراض أو من هوس ما بالنظافة عرضة للخوف أكثر من غيرهم من الصراصير.
لكن هذه الفكرة وحدها لا توضح السبب، فالكل يعلم من أين تأتي الصراصير لكنهم لا يصابون جميعهم بالرهاب. الأمر يرتبط بعوامل نفسية متوارثة رغم أنه يستحيل الوصول إلى أصل هذه المشكلة.
علماء النفس يظنون أن الأمر يرتبط بمجموعة من التراكمات النفسية، فالشخص نفسه قد يكون قد مر بتجربة سيئة مع الصراصير ما جعله يخاف منها.
في المقابل السلوك هذا يصبح «متوارثاً»، فحين تكون ردة فعل أحد الأشخاص عنيفة جداً حين يشاهد صرصوراً فإن هذا السلوك سيتم تعلمه.
فمثلاً الطفل الذي يجد والدته أو والده يتجمدان في مكانهما ويصرخان ويهلعان حين يشاهدان الصرصور سيخاف منه أيضاً بشكل لاإرادي، وبالتالي ينقل النمط السلوكي هذا إلى أولاده، وهكذا تستمر سلسلة الرعب والخوف.
أعراض رهاب الصراصير
في الواقع الأمر يتجاوز مجرد الصراخ لأن ما يختبره الشخص المعني هو رهاب حقيقي. وعليه فهو سيشعر بالشلل ويتجمد في مكانه وسيشعر بضعف الساقين وأنه بالكاد يمكنه الوقوف.
البعض قد يختبر نوبات من البكاء والصراخ، وفئة أخرى قد تشعر بالدوار والغثيان، وطبعاً جميعها ستترافق مع تسارع في نبضات القلب والتنفس.
في المقابل وفي حالات نادرة البعض يتم اختبار نوبات الهلع بكل تفاصيلها من صعوبة في التنفس والاختناق والألم الحاد في الصدر.
العلاجات
العلاج موجود وفي معظم الأحيان فعال. وبما أن العوامل النفسية تلعب دورها الكبير والأساسي فإن العلاج سيقوم على العلاج النفسي.
الخطوة الأولى ستكون تحديد ما إن كان الشخص المعني يعاني فعلاً من الرهاب أو أنه يشعر بالتقزز والنفور لا أكثر. حينها سيقرر الطبيب المعني إخضاع المريض لأحد هذه العلاجات.
1- العلاج بالتعرض
العلاج هذا قائم على مبدأ أن التغلب على المخاوف يكون من خلال مواجهتها.
يتم تعريض المريض وبشكل تدريجي لخوفهم، والبداية تكون بجعلهم ينظرون إلى الصور وثم إلى صراصير فعلية بعيدة نسبياً عنهم ولاحقاً سيطلب منهم لمس صرصور ميت. الخطوة التالية تكون ترك المريض في غرفة بمفرده مع صرور حي وحتى لمسه.
2- العلاج السلوكي المعرفي
العلاج السلوكي المعرفي هو طريقة مستخدمة على نطاق واسع لعلاج الكثير من الأمراض النفسية من ضمنها الرهاب من أمور معينة.
العلاج يستند على مساعدة المريض في إدراك وتفسير طريقة تفكيره السلبية تجاه أمر معين وتغييرها إلى قناعات وأفكار أكثر إيجابية.
وقد أثبت هذا العلاج فعاليته في القضاء على الخوف من الصراصير عند فئة كبيرة سواء الذين يعانون من خوف «عادي» أو من رهاب الصراصير.
3- البرمجة اللغوية العصبية
هي مجموعة من الطرق والأساليب التي تعتمد على مبادئ نفسية تهدف لحل بعض المشاكل النفسية عند المرضى ومساعدتهم على التخلص منها.
المقاربة هذه تساعد الطبيب على تحديد أساس المشكلة والتي كما قلنا يختلف من شخص لآخر، ولاحقاً ومن خلال العلاج النفسي وتنمية الذات والتواصل وتعديل السلوكيات سيتم شفاء المريض من الرهاب.
4- علاج الواقعي الافتراضي
العلاج هذا أثبت فعاليته لأنه افتراضي ولأن المريض يشعر براحة أكبر خلال المراحل الأولى لأنه يدرك أن ما يراه ليس حقيقياً.
في هذا العلاج يتم عرض الصور الافتراضية على المرضى، ويتم تسجيل ردات الفعل، وعلى أساسها تبنى الخطوات اللاحقة. والمثير في هذا العلاج هو أن الطبيب يمكنه التحكم وبشكل فوري بعدد الصراصير وحركتها .