Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

لجنة الجالية اللبنانية في الكوت ديفوار أمام إمتحان صعب ،فإما ان تنجح وترفع لها القبعة،أو تفشل ويذهب ريحها؟

علي بدرالدين
تشكل جمهورية الكوت ديفوار(ساحل العاج )في أفريقيا الغربية، مركز الثقل للإغتراب اللبناني في القارة الافريقية، بشريا واقتصاديا وماليا وعمرانيا ،ولازالت رغم الكثير من الازمات والمشكلات الداخلية ،التي واجهتها على مدى عقود من بداية الهجرة اللبنانية اليها،التي يعود تاريخها إلى ماقبل منتصف القرن التاسع عشر، وظلت إلى مطلع القرن الواحد والعشرين، الخيار الوحيد المتاح امام اللبنانيين الراغبين بالهجرة، هربا من لبنان الغارق بالازمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية،على امل ان تتحسن ظروفهم المادية، والتعويض عما افتقدوه في الوطن الأم،حتى بلغت اعدادهم رقما قياسيا تجاوز الاربعماية الف نسمة، في مرحلة النهوض والبحبوحة ،وتنشيط عجلة البناء والعمران، وتطور الصناعة والتجارة وانفتاح اسواق العمل أمام القادمين الجدد، الذين وجدوا أن فرص العمل متاحة لكل وافد، بفضل نجاح وتميز اللبنانيين الذين سبقوهم، وأسسوا لهم الارضية الخصبة، ومقومات الإستيعاب والعيش والانتاج، وتسهيل امورهم ومساعدتهم بكل تفصيل مهما كان حجمه ٠
غير أن افريقيا كغيرها من دول العالم تأثرت بالازمات الاقتصادية المتتالية، التي انعكست سلبا على انتظام العمل المؤسساتي وخفض الانتاج، وادت بعض هذه الأزمات إلى تدني قيمة العملة الوطنية ، نتيجة زعزعة الاستقرار السياسي والنقدي و التدخلات الخارجية والانقلابات والاضطرابات الداخلية وتفشي الفقر وضعف الخدمات، و سيادة الفوضى والتسيب والفلتان والسرقات، حتى وصل الأمر إلى القتل في حالات كثيرة،وبطبيعة الحال ، دفع اللبنانيون اثمانا باهظة في الارواح والممتلكات وعدم الاستقرار٠
هذه العوامل مجتمعة، دفعت عشرات الآلاف من المغتربين اللبنانيين في معظم دول افريقيا إلى الهجرة المعاكسة بإتجاه لبنان، او إلى دول افريقية لم تطأها اقدامهم قبلا، لا في الهجرات الأولى البائسة، ولابعدها،بحثا عن الامان،وقد بدأوا من الصفر لكنهم نجحوا ،في حين ان البعض منهم وهم كثر، فضلوا البقاء في دول تواجدهم ،خاصة في الكوت ديفوار، واكتفوا بإعادة عائلاتهم الى لبنان، حفاظا على سلامتهم٠


كل هذه الاحداث والمعاناة القديمةو المستجدة ، لم تلغ ان تبقى هذه الدولة مركز الثقل للإغتراب اللبناني، و”بيضة القبان”التي تميل لصالح المغتربين مهما قست الظروف القائمة والطارئة لأنها ستعبر بسلام ولو حين ، وكما يقال “سحابة صيف عبرت وتزول”،خاصة أن لهم فيها تاريخ مضىء من النجاح، على كل المستويات، وذكريات أليمة و جميلة وهم من بناتها ،ومرحب بهم من كل رؤسائها وحكوماتها وشعبها الطيب المضياف، وقد نجحوا في رهان الأمل لديهم ،وعادوا إلى حياة الامان والسلام والعمل والانتاج، وإلى جمع شمل عائلاتهم واهالي بلداتهم، حيث أن احياءا كثيرة في أبيدجان العاصمة مثلا باتت تعرف باسم عائلات اوقرى لبنانية٠
ان تدفق اللبنانيين اليها، مع تفاقم الازمات السياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية والامنية في لبنان، خاصة ما يشهده حاليا من ضغوط ومآس وكوارث، وما حل بشعبه من فقر وجوع وذل وبطالة وحرمان اضافي، يؤكد مكانتها ،وأن لا بديل عنها،او عن دول افريقية اخرى في مثل هذه الظروف الصعبة، وهي خيارهم ووجهتهم الوحيدة وتحديدا الكوت ديفوار ٠
وللتذكير والعلم، ان ابيدجان احتضنت اول مؤتمر للمجلس القاري الافريقي، في عام ١٩٨٢ الذي انتخب السيد احمد ناصر اول رئيس له ،في حضور مغتربين مميزين يمثلون الجاليات اللبنانية في عموم افريقيا٠


منذ المؤتمر الأول للمجلس القاري الأفريقي، و في ظل ترؤس ثلاثة من عمالقة الإغتراب له احمد ناصر، عباس فواز و نجيب زهر ،والإغتراب اللبناني في افريقيا يشهد استقرارا ،واصبح اكثر أمانا، والمجالس الوطنية التابعة له تقوم بعملها على اكمل وجه رغم المعاناة ،وقد شكلوا صمام أمانه، وحققوا الكثير من الإنجازات التي لا يتسع المجال لذكرها في هذه المقالة ، وواجهوا التحديات بالوحدة والصبر والعزيمة، يساندهم في ذلك رؤوساء المجالس الوطنية والجاليات من رموز الإغتراب وأركانه والحريصين عليه، ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، مع الاعتذار سلفا من بعض الاسماء وهم كثر الذين نكن لهم محبة واحتراما وتقديرا، وهم اضافة إلى ناصر وفواز وزهر الذين تحملوا المسؤولية وما زالوا ،إن في رئاسة الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، وفي رئاسة المجلس القاري الافريقي اوالمجالس الوطنية، الراحلون مسعد حجل( الكاميرون والرئيس الاسبق للجامعة)الاديب والروائي الراحل طلعت العبدالله(الكونغو برازافيل) ومنصور عازار واحمد طرابلسي ومالك شلهوب،والاحياء الذين نتمنى لهم دوام الصحة والعافية وطول العمر عميد المغتربين السفير فؤاد غندور، ومع حفظ الألقاب، عاطف ياسين، علي النسر(انغولا) سعيد فخري(غانا)، علي سعادة(غينيا) ،معروف الساحلي(افريقيا الوسطى )،عزت عيد(ليبيريا) قاسم حجيج، محمد علي هاشم وعماد جابر ومحمد علي العبدالله وابراهيم فقيه (الغابون)،حسن عبدالله( غينيا الآستوائية)،عادل الملا فربد حسنية وحسن هاشم( سيراليون)ورئيسا الجامعة السابقان بيتر اشقر ورمزي حيدر، احمد زين (كوناكري غينيا)، وغيرهم الكثير ممن كان لهم الاثر الإيجابي في مسيرة الاغتراب الافريقي، ولا زالت بصماتهم وافعالهم محفورة في المكان والزمان والذاكرة .
جالية ابيدجان مصدر قوة المغتربين وفخر اللبنانيين٠

بالعودة إلى الجالية اللبنانية في الكوت ديفوار، التي تعتبر مصدر قوة الاغتراب وفخر اللبنانيين المقيمين والمغتربين، لما تمثله ماضيا وحاضرا، من نجاح وتميز وما تزخر به من امكانيات وطاقات، ومن حضور اقتصادي فاعل على كل المستويات، خاصة انها تضم نخبة من رواد الاغتراب الذين ترفع لهم القبعة ،والذين يعتبرون الكوت ديفوار وعاصمتها ابيدجان وكل مدنها بمثابة وطنهم الثاني٠


الكوت ديفوار عموما وأبيدجان خصوصا، ومكانتهما التاريخية والاقتصادية في ذاكرة كل لبناني مقيم أو مغترب، وفي قلوب الجميع، احوج ما تكون الجالية اللبنانية فيهما إلى الوحدة والتماسك والتعاون ليشدوا أزر أبنائها المقيمين والوافدين الجدد اليها من الوطن ألأم الذي يغرق شعبه بالأزمات والصفقات والسمسرات والنهب والفساد،لأن ذلك يمثل حرصا وطنيا بالغ الأهمية، ولأن اللبناني الحريص والمسؤول يظهر ويبان في الشدائد والمحن والأزمات الصعبة التي يمر بها وطنه وأهله وحيث يقيم والمسؤولية تكليفا وليست تشريفا او جاها أو “شوفة حال” وغرور وتكبر وعنجهية”٠
ما يتم تداوله عن حال الجالية، او بعضها المتصدر والطامح إلى تبوأ المسؤولية،وهذا من حقه، ولكن من حق ابناء الجالية عليه، أن لا يسقط “بالبراشوت” ويكون فاقدا لسجل العمل والعطاء والخبرة، وان يكون لديه الوقت الكافي والارادة والحماس للعمل وخدمة الجالية من دون منة “او تربيح جميلة” ،وان يتسع صدره للحوار والإنفتاح والجزالة في الكرم والعطاء والمساعدة، والاهم من هذا ان يكون متأبطا برنامج عمل واضح وصريح يتلاءم وخدمة الجالية والمجتمع ووطنيه الاول والثاني ،اي لبنان والكوت ديفوار او في اي دولة يقيم ويعمل فيها٠


المرحلة تقتضي وجود اشخاص على مستوى المسؤولية، وقادرون على قيادة سفينة الجالية إلى بر الأمان والاستقرار،ولكن ما يتم الحديث عنه عن تشكيل اللجان بشكل عشوائي وعدم مراعاة الشروط المطلوبة ويشتم منها رائحة المحسوبيات والأزلام على الطريقة اللبنانية ، لا يسر ولايؤشر ،إلى ان البوصلة بإتجاه انتخابات الجالية المقررة مبدئيا مطلع العام المقبل، لانتخاب رئيس بديل عن الرئيس التاريخي الأدمي الطيب الحاج نجيب زهر ،الذي احال نفسه إلى التقاعد بعد عقود امضاها بالاغتراب وخدمة الجالية والوطن والاغتراب٠


الجالية اللبنانية في ابيدجان تحديدا ناجحة جدا في اعمالها، ومحترمة ومقدرة من الجهات الإيفوارية الرسمية ،وهي متميزة افراديا، لكنها فاشلة في العمل الجماعي، ومعظم اركانها غائبون عن العمل الجماعي المنظم او الانتساب إلى الجالية، لانه على ما يبدو لكل منهم حساباته واعتباراته وقناعاته، لا بد من احترامه،ولكن القاعدة تقول “الضرورات تبيح المحظورات”والوطن والجاليات اللبنانية القديمة والمستجدة،يستحقون الدعم والتضحية الجماعية، اقله لتجاوز الأزمة ،بل الأزمات باقل الخسائر،وهذا لا يعني ان البعض من هؤلاء لا يساعد ويدعم اهله والاقرباء وفقراء قريته٠
ويبدو أن الجالية التي تقود سفينة الانتخابات اعدادا وتنظيما، تفتقد إلى الكثير من الامكانيات والخبرة والعمل المنظم، وتعاني من الارباك واختيار الشخص المناسب في المكان المناسب، حتى ان مكتبها لاحياة فيه، ولا يشهد لقاءات واجتماعات يجب ومن الضروري ان تحصل، وان يتحول إلى خلية نحل،لضرورات أنية ومستقبلية، ولما فيه خير الجالية، ولن تجدي التحديات والنكايات والكيدية والشخصانية في فرض امر واقع غير صحي ،تنبئ مؤشراته ومعطياته القائمة ان الأمور تنزلق إلى الاسوأ، وتتمثل بعدم القدرة على اجراء الانتخابات في موعدها، او وصول مجموعة ايا كانت إلى الهيئة الادارية، قد تكون غير مؤهلة، ولا هم عندها سوى مصالحها وأن تتبوأ مناصب ليست لها، وفي كلتا الحالتين ضرر سيلحق بالجالية ويفقدها قوتها وشرعيتها وحضورها الفاعل،لا سيما وأن الجمعيات الخيرية والدينية الاسلامية والمسيحية، تطغى بنشاطها وحضورها الفاعل وقوة تأثيرها وبتنظيمها ومدارسها ومساعداتها على كل شىء، حتى على قرار الجالية، وهذا من حقها ما دامت تعمل وتحظى بثقة معظم ابناء الجالية وقبولهم ورضاهم٠


ان الوقت لم يفت بعد وامام لجنة الجالية مساحة واسعة لإعادة تنظيم الصفوف والتشاور والحوار والإنفتاح مع الفعاليات التي ترغب بالعمل والعطاء وبعض التضحية، إذا ما ارادت الارتقاء بالاختيار والمستوى، واول ما عليها فعله عودة الروح والحياة والحركة إلى مكتب الجالية وتوسيع دائرة المشاركة في اللجنة ممن يرغب، ويرى في نفسه ومؤهلاته القدرة على إحداث خرق وفرق واضافة وصدمة إيجابية، تخرج اللجنة من جمودها وتخبطها وقصورها في التعاطي مع قضايا الجالية وحجمعها وطاقاتها وامكانياتها الضخمة على كل المستويات، ولا بد أيضا من برنامج عمل حقيقي وقابل للتنفيذ٠


هذه عناصر قد تساعد على تحريك الركود قبل فوات الأوان، وعلى لجنة الجالية الا تنتظر ان يأتيها الحل والترياق من اي جهة رسمية واغترابية خارجية، لانها اساسا ادارت أذنها الطرشاء لمحاولات سابقة بالتجاهل والتأجيل والمماطلة، ولأن “مكة ادرى بشعابها”٠
يبدو ان الرهان على اللجنة الحالية في غير محله لغاية اليوم ،بناء على ما يطفو على سطحها، ولكن يبقى الامل واردا، شرط ان تخلص النوايا وتتحول الاقوال إلى افعال ويخرج البعض من عنق زجاجة المصالح الخاصة و”الأنا “والغاية المحصورة في طلب الشهرة والمنصب، أو”أنا او لا احد”ومن بعدي الطوفان٠

Leave a comment

0.0/5

Go to Top

لجنة الجالية اللبنانية في الكوت ديفوار أمام إمتحان صعب ،فإما ان تنجح وترفع لها القبعة،أو تفشل ويذهب ريحها؟