في ذكرى رئيس بلدية حبوش السابق سميح حلال
محمد مكي*

أبا عاهد…
في سلام الله ترحل… وعيون عنك تسأل… وقلوب الحائرين تترجل من صدور الناس شوقاً… لبقائك تتأمل… أو ترحل تاركاً حزناً يفوز… في حياة المخلصين لشخصك…
أنت من أنت لأرثيك… حزناً… غير دمع لبقائك يتوسل…
طيبُ خلق في نفسك بداية… أسفاً يمضي سريعاً… وطيبة تنساب فيها أبدع الأوصاف من كل احترام وهدوء نفس.
ليس سهلاً أن نتصور ولا حتى أن نفكر كيف من بين الثواني وأمام الأعين تترك الأحباب تبكي لرحيلك، كيف ومن دون انتظار توقد الشمع الحزين… تمشي في الدرب وحيداً ولربك تترجل.
عزائي وعزاء كل من فجعوا برحيلك المفاجئ أنك الآن ستعيش هنيئاً، وأنت في حضرة من يعرف قيم الرجال بأعمالهم. فبإذنه سبحانه وتعالى رب العرش العظيم ستكون بين طليعة من يتولاهم برحمته.
أبا عاهد…
ماذا أنعي فيك والكلمات وإن بلغت مجداً لن تفيك حقك؟
هل أنعي فيك الرجل الذي لم يسئ يوماً لأحد؟
هل أنعي فيك وقفتك الى جانب أهلك وبلدتك ومجلسنا البلدي والمجالس كلها في منطقتك؟
هل أنعي فيك الرجل الحكيم الذي ينظر من حوله وهو يبحث عن وسط… كنت فيه شمعة مضيئة؟
أبا عاهد…
لن أنعي فيك أي من هذه الخصال وحدها وإنما سأنعي فيك المدرسة، مدرسة سميح حلال الإنسان الذي رافقته وعرفته طوال خمسة عشر عاماً، لقد زرعت فينا الأمل ومشاعر الإلفة وحب الناس ومتابعة شؤونهم ومشاكلهم والعمل على حلها… لقد كنت إنساناً محباً، مسالماً، عطوفاً، وكبير القلب، تعرضت للظلامة أحياناً فسامحت وسامحت والمسامح كريم.
كل المراحل في حياتك كرستها لخدمة الناس في بلدتك التي أحببتها كثيراً وكذلك لمنطقتك التي ترأست اتحاد بلدياتها في أصعب الأوقات، وكنت على قناعة كما قلت لي فيما مضى بأنه منذ اليوم الأول الذي يتسلم فيه أي امرئ إدارة شؤون الناس وفي أي موقع من المواقع يصبح أمام التحدي الكبير الذي يفرض عليه أن ينجح وهذا ما حصل معك… يكفي أنه لم تطلب شيئاً لنفسك.
أبا عاهد… رحلت وافتقدتك حبوش بأسرها بساحة عينها وبسهولها وتلالها وطرقاتها، حيث تركت بصماتك في كل ناحية من نواحيها. لقد كنت شخصاً مميزاً نشيطاً مندفعاً تغدو الى عملك في الصباح الباكر وتعود الى منزلك عند المساء.
لا تعرف الكلل والملل، وكيفما يتجول الواحد منا في البلدة كان يلتقي أبا عاهد صاحب الابتسامة العريضة التي لم تفارق وجهه أبداً لقد حملت هم البلدة ولم توفر جهداً في سبيل إنمائها وتحسينها حتى أصبح بعض رؤساء البلديات والأهالي في القرى المجاورة يحسدوننا على المرحوم سميح حلال صاحب النخوة والمرؤة والاندفاع في العمل البلدي والاجتماعي. لم تترك أي مناسبة في البلدة إلا وتكون في المقدمة بالرغم من المرض والعجز الذي كنت تشكو منهما وبقيت حتى الرمق الأخير. أبا عاهد حبوش ورئيس بلديتها وأعضائها وأهالي حبوش جميعهم لن ينسوك أبداً وسيكونون أوفياء لك ولأمثالك على الدوام…
أبا عاهد…
افقدتني القدرة في أن أتكلم بكل ما أشعر…
أربكت المشاعر كلها بهذه الرحلة الأبدية المفاجئة، لكننا سلمنا بأن قدر الغالي إلينا قد وصل… وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ختاماً لا بد لي إلا وأن أقدم خالص شكري وامتناني لدولة رئيس مجلس النواب الأخ الأستاذ نبيه بري لمؤاساته الشخصية لعائلة الفقيد ولكل أهلنا في حبوش وهذا ليس بغريب عليه لأنه من شيم دولته التي اعتدنا عليها عند كل المصاعب كذلك الامتنان لكل من شاركنا حزننا على أبي عاهد من شخصيات وفعاليات ومحبين وأهل.
رئيس بلدية حبوش*