التناقضات تظهر على واجهات المنازل أحادية اللون مع الجملون والنوافذ الكبيرة في متاهة الأزقة الضيقة في البلدة القديمة.
تعد شواهد الفن البلجيكي الحديث من أجمل المعالم السياحية في مدينة لييج؛ حيث يشعر السياح بأجواء مثيرة تنبعث من هذه المدينة السوريالية.
وتظهر التناقضات على واجهات المنازل أحادية اللون مع الجملون (أسطح قرميدية وهرمية الشكل) والنوافذ الكبيرة في متاهة الأزقة الضيقة في البلدة القديمة.
ويستمر الطابع السوريالي لمدينة لييج في المعالم السياحية المنتشرة بها، وقد كانت الكاتدرائية القوطية شعارا للمدينة، ولكنها لم تعد موجودة الآن، وقد تحطمت الكاتدرائية بعد قيام الثورة الفرنسية؛ حيث أصبح الجزء الفرنسي من بلجيكا مركزا قويا لليبرالية، وشهدت هذه المرحلة الكثير من الاضطرابات وقام سكان مدينة لييج بتحطيم الكاتدرائية باعتبارها حصن الإيمان، ولا تزال هناك فجوة كبيرة في المركز بموقع الكاتدرائية.
وتشغل واجهة القصر، الذي كان في السابق مقرا لأساقفة لييج، جانبا من المساحة المفتوحة الشاسعة، وقد حكم الأساقفة المدينة والمناطق المحيطة بها لمدة تمتد لأكثر من 1000 عام، ومن الأمور المثيرة هنا أيضا أن هذا الأثر التاريخي يتم استغلاله بالكامل كمبنى محكمة ولا يمكن للسياح زيارته إلا من خلال جولة بصحبة مرشد سياحي.

ويعد درج “مونتانا دي بورين” أهم مناطق الجذب السياحي في مدينة لييج، ويعتبر أجمل من الدرج الإسباني المنحني في روما، وتؤدي الدرجات السوداء غير المزخرفة إلى أعلى، ولكنها لا تؤدي إلى كنيسة جميلة أو قلعة حصينة، وإنما تنتهي بإطلالة بديعة على وادي ميوز، ومن هذا الموقع كان يمكن للسياح مشاهدة أفران الصهر العالية قبل 50 أو 60 عاما؛ نظرا لأن حوض لييج كان أول منطقة صناعية في أوروبا.
وقد شهدت ضاحية سيراينج بمدينة لييج بناء أول مصنع متكامل يضم أفران الصهر وأعمال الحديد ومصانع الدرفلة على يد رجل الأعمال الإنجليزي جون كوكريل (1790 -1840)، وفي وسط الشركة كان يقع المقر الصيفي لأساقفة لييج، والذي يرجع لأكثر من ألف عام، ولكن يطلق عليه الآن قصر كوكريل، وقد قام رجل الأعمال الإنجليزي بإقامة نصب تذكاري له أمام بلدية سيراينج.
ويشاهد السياح الآن أفران الصهر المتآكلة والخاصة بشركة الحديد والصلب كوكريل سامبر مثل الكاتدرائيات المحترقة على ضفاف نهر ميوز في منطقة أوجريه، والتي تعتبر أحد أحياء سيراينج.
وبعد تراجع صناعة الحديد والصلب والفحم تدهورت مدينة لييج للغاية مع نهاية القرن الماضي، إلا أنها تشهد حاليا نهضة جديدة منذ فترة طويلة، وعادت المياه لتنطلق من النوافير القديمة، وتم ترميم العديد من المباني الأثرية والتاريخية، بالإضافة إلى تشييد العديد من المباني الجديدة الرائعة مثل محطة القطار (ICE) من تصميم المهندس سانتييغو كلاترافا.
وقد شهد المنزل رقم 26 شارع ليوبولد ولادة الكاتب جورج سيمينون (1903-1989)، وفي شهر أغسطس من كل عام يحتفل حي أوتريميوز بإعلان “جمهورية أوتريميوز الحرة” في عام 1927 من خلال إقامة نوع من الكرنفال الصيفي، وفي وسط الأجواء الصاخبة يقابل السياح شخصية “تشانتشيس” في جميع أنحاء المدينة، والذي يعتبر “أقدم مواطن في مدينة لييج”، وهناك متحف وحانة خاصة لهذه الشخصية.

ويوجد في مدينة لييج متحف آخر يوضح طبيعة الحياة الوالونية، ويزخر ببعض المعروضات الخاصة مثل الساق الخشبية، التي ترجع إلى جان جوزيف كارلييه، والذي قاتل كمتطوع عن هولندا في عام 1830، في حروب نابليون من أجل استقلال بلجيكا، وعندما تعرض طرفه الصناعي للكسر أثناء المعركة، واصل القتال اعتمادا على ساق خشبية، وبعد عودته إلى مدينة لييج وقع وعده بساق بديلة من الفضة، ولكنه لم يحصل على أي شيء.
وبعد الجولة السياحية في المدينة يمكن للزوار الاستمتاع براحة قصيرة في الساحة أمام كاتدرائية القديس بولس وقصر دو مارشيه، أو الاسترخاء في الكثير من المطاعم والمقاهي بين الأشجار.
المصدر: ١