أقيم يوم الأحد بدعوة من مركز دراسات الوحدة العربية ندوة حول كتاب «صفحات من مسيرتي النضالية ــ مذكرات جورج حبش» في «دار الندوة» تحدث خلالها الوزير السابق الوزير السابق بشارة مرهج، والقيادي في الجبهة الشعبية ماهر الطاهر، والكاتب والأكاديمي الزميل سيف. الكتاب الذي صدر مؤخراً عن المركز فجر خلافاً بين زوجة حبش وبين المركز.
الخلاف العلني بدأ يوم السبت مع نشر صحيفة «القدس العربية» بياناً صادر عن زوجة حبش تتهم فيه المركز بقرصنة مذكرات الدكتور حبش ومصادرة الحقوق الادبية والمعنوية والتاريخية لها.
وجاء في البيان « أريد أن أعلن أنا هيلدا حبش زوجة و رفيقة درب المناضل الحكيم الدكتور جورج حبش على الملأ بأنني تعرضت لعملية أعتبرها عملية قرصنة و مصادرة لحقوق أدبية و معنوية و تاريخية من قبل مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت الذي منحته الثقة مع نهاية العام الماضي 2018 لإصدار وثيقة تاريخية و مذكرات ثمينة جدا كان قد تركها لنا الدكتور جورج حبش أمانة بين أيدينا كعائلة لننشرها في الوقت المناسب لتبقى منارةً تستنير بها الأجيال.
تلك المذكرات التي قمت بالعمل عليها وإعدادها والتي إنتزعت الوقت من الحكيم إنتزاعا عبر سنوات طويلة و مضنية من أجل تدوينها و توثيقها و تحريرها بجهد شخصي و بإشرافه المباشر عبر حوار إستمر لسنوات طويلة تعود إلى فترة التسعينات لذلك أعتبرها أغلى ما نملك نحن كعائلة من إرثه النضالي و التاريخي.
و كنت قد إتصلت بالدكتور سيف دعنا مانحة إياه الثقة من أجل قراءة هذه المذكرات و تقديمها فقط أي كتابة مقدمة لها لا أكثر ولا أقل. إن ما حصل مع الأسف الشديد أن مركز دراسات الوحدة العربية أرسل لي مادة الكتاب للمراجعة النهائية قبل النشر، لنفاجأ لاحقاً عند صدور الكتاب أنهم قاموا بإخفاء إسم سيف دعنا كمحرر من الصفحة الثالثة و الرابعة من النسخة التي أرسلوها لنا قبل النشر وأضافوه لاحقاً عند النشر دون وجه حق حتى لا نطلع أو نعترض على إسمه كمحرر وهنا كانت الخديعة و التضليل.
تجاهل المركز تماما إسم من أعد المادة و دونّها ووثقها و جمعها و نقحها على مدار سنوات طويلة بالرغم من ظروف الحكيم الصعبة مما أعتبره إنكار و تجاهل متعمد للجهود التي بذلتها.
إن ما قام به مركز دراسات الوحدة العربية بالتواطوء مع سيف دعنا من أجل إنتزاع حقوقي التاريخية و المعنوية والأدبية أعتبره أنا شخصياً عملية قرصنة متعمدة، و مع ذلك قمت طوال الأشهر الماضية بالتحاور و التعاون مع المركز من اجل إيجاد حل ودي للموضوع، تلك الجهود التي لم تثمر على الإطلاق بل تم تتويج هذا الحوار المضني بيني و بينهم بالإعلان عن عقد ندوة في بيروت لإشهار الكتاب يتصدرها سيف دعنا على إدعاء أنه المحرر مع أنه لم يعرف الحكيم يوما و بمشاركة الجبهة الشعبية مع الأسف دون إعلامنا بذلك مطلقاً أو حتى دعوتنا كعائلة نحن أصحاب التجربة التي عشناها إلى جانب الحكيم بكل منعطفاتها التاريخية و الموثقين لها و التي قدمناها للمركز كوثيقة تاريخية مانحين إياهم ثقة لا يستحقونها على الإطلاق.
كتبت في مقدمة الكتاب عن المتسلقين على التاريخ النضالي للحكيم لكن لم يخطر ببالي قط أن الشخص الذي أعطيته الثقة ليكتب مقدمة الكتاب سيكون أول المتسلقين على هذا التاريخ و أن المركز الذي سلمته التجربة الثمينة سيقوم بالتعدي على حقوقي الأدبية و التاريخية متوجا ذلك بعقد ندوة دون إعلامي أو دعوتي مما أعتبره قرصنة أدبية و معنوية و أخلاقية بكل ما في الكلمة من معنى في زمن إنعدمت فيه الأخلاق و سقطت فيه الأقنعة الواحدة تلو الأخرى.
اليوم أدركت أن زمن الحكيم قد ولىّ تماما بكل ما كان يحمله من قيم و مباديء وأخلاق ثورية و حل زمن التخاذل و التواطوء و المصالح الذاتية الضيقة و التهافت على الشهرة و التسلق على تاريخ الكبار بنفس إنتهازي وصولي.
لقد رحل المناضلون الحقيقيون الذين افنوا أعمارهم و أعمار عائلاتهم تحت الأرض و عاشوا المنافي و الشتات في مسيرة نضال حقيقية من أجل أن يتحدث عنها مناضلوا الفضائيات و المؤتمرات!
إني أعتبر أن ما قام به مركز دراسات الوحدة العربية من إنكار لحقي كمدونة و موثقة و شريكة في هذه التجربة النضالية هو تعدي سافر على جورج حبش شخصياً و على تاريخه النضالي و إرثه وعلى عائلته، إن مثل هؤلاء يطعنون جورج حبش ويقضّون مضجعه اليوم في قبره !
المركز يرد
اصدر مركز دراسات الوحدة العربية بياناً، رداً على ما نشر في «القدس العربي» جاء فيه:
نشرت جريدة «القدس العربي» بياناً يوم السبت الموافق 6-7-2019 يتهم المركز بقرصنة مذكرات الدكتور جورج حبش وبمصادرة الحقوق الأدبية والمعنوية والتاريخية لزوجة الحكيم، وبالتواطؤ مع محرر الكتاب لانتزاع حقوق العائلة – وهو ما ينفيه مركز دراسات الوحدة العربية جملة وتفصيلاً ويحتفظ بحقه في الرد تجاه جريدة القدس العربي بالافتراء والتشهير.
يأتي هذا التشهير عشية انعقاد ندوة في بيروت حول كتاب «صفحات من مسيرتي النضالية: مذكرات جورج حبش»، التي ينظمها مركز دراسات الوحدة العربية للحديث عن المذكرات واحياءً لذكرى الحكيم والدعوة لاستمرارية نهجه الثوري المقاوم. علماً بأن المركز تعاقد مع السيدة هيلدا حبش وتسلم النص منها باتفاق رسمي موقع منها ويكفل لها الحقوق المادية والأدبية والمعنوية، وهي من كلفت المحرر الدكتور سيف دعنا بتدقيق وتحرير الكتاب وبكتابة تقديم له. وبحسب أصول النشر تم توثيق اسم المحرر وكاتب التقديم على الكتاب. وكانت السيدة حبش، التي كتبت مقدمة الكتاب وخاتمته وفصلاً عن اعتقال الحكيم في فرنسا، قد نشرت المقدمة في عدة صحف ومواقع الكترونية فور صدور الكتاب.
والمركز يثمن جهود السيدة هيلدا حبش لتعاونها في كل مراحل انتاج الكتاب ومراجعته قبل الطبع حتى تم اصدار النص الأخير للحكيم الى القراء في ذكرى رحيله بشكل يليق بهذا الإرث الفلسطيني الهام، وبحسب اتفاق الطرفين، لتبقى مسيرة الحكيم حاضرة تلهم اجيال الثورة الفلسطينية المستمرة.
إن المركز والدكتور دعنا، إكراماً لذكرى الدكتور جورج حبش، يترفعان عن الدخول في أي سجالات حول هذا الموضوع علماً بأنهما يمتلكان ما يكفي من الوثائق والمراسلات للرد على هذه الافتراءات ودحضها. وبعد نشر بيان التشهير بالمركز على صفحات «القدس العربي» ووسائل التواصل الاجتماعي، غيّرت الجريدة بعد ساعات العنوان والمحتوى مما يعني ان هناك حملة مقصودة للنيل من سمعة الدكتور سيف دعنا وسمعة مركز دراسات الوحدة العربية والتشهير بهما».
إتهامات لعزمي بشارة
صحيفة الأخبار وجهت إتهامات مباشرة لعزمي بشارة الذي إعتبرت بأنه استخدم «القدس العربي» لتمرير بيان منسوب الى السيدة حبش، بعدما عمل بمساعدة شخصيات فلسطينية وعربية على التواصل مع عائلة الحكيم بحجة توفير الدعم المالي لها. إلا أن الهدف الفعلي لا يتعلق باستغلال ارث حبش فحسب، وإنما توجيه رسالة قاسية الى مركز دراسات الوحدة والى الدكتور دعنا، بعد فشل محاولاته المتكررة لوضع يده على المركز. وآخرها قبل أشهر عندما عرض، عبر شخصيات كانت على صلة بادارة المركز، «انتشاله» من أزمته المالية مقابل تغييرات في إدارته وفي برنامج عمله، وأن يتخذ المركز موقفاً يناصر قطر في نزاعها مع السعودية والامارات العربية المتحدة.
ووفق الصحيفة فإن شارة الذي تدرّج في دوره السياسي الجديد منذ عام 2011 يريد الانتقال الى مرحلة جديدة هدفها الظاهر دعم النشر والبحث باللغة العربية، بينما هدفها الفعلي تدمير استقلالية كل المؤسسات الاكاديمية والفكرية والبحثية العربية التي تقف في موقع مناهض للسياسات الاميركية والاسرائيلية في المنطقة.