توفي المهندس والملياردير والمخترع عمار بوز صاحب شركة Bose لأنظمة الصوت والمكبرات الصوتية ذات الجودة العالية. خبر لا بد من التوقف عنده إحتراما وإجلالا لهذا العبقري الذي لم يترك إرثا يتلخص في مكبرات صوت عالية الجودة فحسب،بل ترك مجموعة «حيوات» داخل كل منزل وفي كل بقعة تستعمل فيها منتجات هذا الرجل الفذ.
عمار بوز مهندس مُلهم و مخترع محب للكمال ورجل الأعمال تحمل شركته نفس الاسم، والتي أصبحت مرادفا للأنظمة السمعية ذات جودة عالية ومكبرات صوتية للمستخدمين المنزليين، والقاعات والسيارات، توفي الجمعة في منزله في تايلاند، عن عمر يناهز 83 عاما.
لم يتعامل مع الأصوات كالية تقنية بل تعامل معها كلعلم وابتكار احبه،كما لم يعمل من اجل المال او الثروة بل قام بالتبرع بغالبية ثروته لمعهدMIT الشهير عام 2011. في الستينيات قام بوز بإجراء بحث لأفضل طريقة لنشر الصوت في قاعات الحفلات، و استخدم نمط جديد من سماعات الستيريو واعتمد على علم النفس الصوتي أو الطريقة التي نستقبل بها الأصوات، ومن بعدها اخترع سماعات صغيرة و نشرها على مختلف زوايا القاعة حيث أنه أدرك أن 80% من تجربة سماع الصوت في الحفلات الموسيقية كانت غير مباشرة، أي أنها ترتد من الجدران و الأسقف قبل أن تصل للجمهور، لذا وبطريقته هذه أراد أن يوصل الصوت للجدران بدلاً من إيصاله مباشرة للمستمع، وأساس هذه العملية هو عكس الصوت مرة أخرى لإعادة سماعه في القاعات الكبرى.
وكمؤسس ورئيس لمجلس إدارة الشركة التي يملكها القطاع الخاص، ركز الدكتور بوز بلا كلل على ابتكار الهندسة الصوتية، ومكبرات الصوت الخاصة به، على الرغم من ثمنها المرتفع إلا أنها كسبت سمعة لا منافس لها. وبعد رفضه تقديم أسهم الشركة إلى الجمهور، كان الدكتور بوز قادرا على متابعة البحوث الخطيرة طويلة الأمد مثل سماعات إلغاء الضوضاء ونظام تعليق مبتكر للسيارات، دون ضغوط من الإعلانات او الأرباح الفصلية.
وقال في مقابلة صحافية في عام 2004 لمجلة العلوم الشعبية ” كنت قد فُصلت مئات المرات من شركة يديرها شخص حاصل على ماجستير في إدارة الأعمال، ولكنني لم أذهب إلى العمل لكسب المال، لقد ذهبت إلى العمل للقيام بأشياء مثيرة للاهتمام لم تحدث من قبل”.
فكيف بدأت حكاية هذا الرجل العبقري.. في العام 1950 إشترى نظام ستريو باهظ الثمن كي يستمتع بالموسيقى الكلاسيكية التي يعشقها، لكنه سرعان ما أصيب بخيبة امل بسبب الصوت المنخفض الصادر عن هذا النظام. اثار هذا الخلل حنق الرجل المهتم بمجال الهندسة الصوتية فبدأ العمل للبحث عن مكامن الفشل في الانظمة الصوتية.
ادرك بوز ان 80% من الاصوات في الحفلات الموسيقية كانت غير مباشرة، اي انها ترتد من الجدران الى مسامع الجمهور. وعليه كان هذا الادراك قاعدة انطلق منها مطلع العام 1960.
بداية اخترع بوز نوعا جديدا من مكبر الصوت الاستريو يعتمد على علم النفس المسموع،ودراسة إدراك الصوت. ودمج تصميمه مكبرات الصوت الصغيرة والمتعددة بهدف وصول الصوت إلى الجدران المحيطة، وليس مباشرة إلى المستمع، وجوهر هذه العملية هو عكس الصوت مرة أخرى لإعادة سماع الصوت في قاعات الحفلات الموسيقية.
وفي عام 1964وبناء على طلب من معلمه ومستشار معهد ماس التكنولوجيا الدكتور لي، أسس شركته لإجراء أبحاث على المدى الطويل في الصوتيات.
وسعت شركة بوز في البداية لعمل عقود عسكرية، ولكن رؤية الدكتور بوز كانت هي إنتاج جيلا جديدا من مكبرات صوت الاستريو.
لم ينطلق بوز نحو الشهرة مباشرة لكنه استمر في عمله وقدم عام 1968 قدم Bose 901 Direct/Reflecting speaker system، والذي أصبح من الاكثر مبيعا لما يزيد عن 25 سنة وجعل اسم Bose راسخا كشركة رائدة في السوق في مكونات الصوت ذات الجودة العالية . وخلافا لمكبرات الصوت التقليدية التي تصدر الصوت للأمام، يستخدم Bose 901 مزيج من الصوت المباشر والمنعكس.
وشملت الاختراعات الأخيرة موجات راديو بوز الشعبية وسماعات إلغاء الضوضاء، والتي كانت فعالة جدا وتم الاعتماد عليها من قبل الطيارين العسكريين والتجاريين.
وسمح برنامج البرمجيات لبوز للهندسة الصوتية بمحاكاة الصوت من أي مكان في القاعة الكبيرة، وحتى قبل أن يُبني الموقع. واعتاد النظام على إنشاء نظام صوت لمثل هذه المساحات المختلفة مثل ستابلز سنتر في لوس أنجلوس، ومنيسة يسيتين والمسجد الحرام والحرم المكي في مكة.
وفي عام 1982، بدأ كبار الشركات الكبرى للسيارات في العالم، بما في ذلك المرسيدس والبورش، في اعتماد أنظمة الصوت بوز في سياراتهم وما تزال حتى يومنا العلامة المفضلة لشركات السيارات.
وتفانى الدكتور بوز في بحثه كما في حبه للتعليم فبعد حصوله على البكالوريوس والماجستير ودرجة الدكتوراة في الهندسة الكهربائية من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في عام 1950، وعاد الدكتور بوز من منحة فولبرايت في مختبر الفيزياء القومي في نيو دلهي وانضم إلى كلية المعهد في عام 1956. وكان يدرس هناك لأكثر من 45 عاما، وفي عام 2011، تبرعت أغلبية أسهم شركته للمدرسة. وقدم المعهد هدية مع أرباح نقدية سنوية. فمعهد ماس للتكنولوجيا لا يمكن أن بيع الأسهم ولا يشارك في إدارة الشركة.
ولد عمار جوبل بوز في 1929 في فيلادلفيا، وكان والده، نوني جوبل بوز، مناضل حرية والذي كان يدرس الفيزياء في جامعة كالكتا عندما تم القبض عليه وسجنه لمعارضته الحكم البريطاني في الهند، وهرب إلى الولايات المتحدة الأميركية في عام 1920، حيث تزوج من مدرسة أميركية. وفي سن الـ13، بدأ الدكتور بوز في إصلاح أجهزة الراديو واضعا من أمواله في جيبه لتصليح المحلات في فيلادلفيا، خلال الحرب العالمية الثانية، عندما كافح والده لاستيراد بعض الأعمال.
وساعدت إصلاحات الدكتور بوز الإلكترونية في دعم ومساندة الأسرة، بعد تخرجه من المدرسة الثانوية، تم قبوله في معهد ماس للتكنولوجيا في عام 1947.
المغرب اليوم- وكالات