وسيم فؤاد غندور *
يبدو أن بعض مكونات المنظومة السياسية الحاكمة، بكر في التحضير للإنتخابات النيابية، ألتي تقرر موعدها في السابع والعشرين من شهر أذار من العام ٢٠٢٢ ،بعد ان كان الموعد المحدد لإجرائها في الثامن من شهر أيار من العام نفسه٠
قرار تقريب الموعد، أثار “حفيظة” بعض القوى السياسية وبالتالي اعتراضها عليه ، رغم ان المبرر المعلن هو تزامنها مع شهر رمضان المبارك، وأن لا خلفية سياسية أو ما يثير الشبهات والجدل حول تقديم الموعد ، وهذا لا يعني أن السلطة السياسية بريئة من” دم يوسف” لأن الثقة فيها معدومة ولا يعول عليها، والأمثلة كثيرة، لا يتسع المجال لذكرها في هذة المقالة، علما ان القاصي والداني في الداخل والخارج يعرفان تماما “خزعبلات”هذه السلطة ومنظومتها وألاعيبها وأساليبها الإحتيالية ،وهي التي أتقنت جيدا “كيف تركب إذن الجرة “ومن أين “تؤكل الكتف “وكيف تحمي مصالحها و ثرواتها المكدسة في مصارف الخارج ،وتمسك بمواقع السلطة من خلال قوانين انتخابية تعيد انتاجها من جديد وأخرها القانون الحالي الذي أعتمد عام ٢٠١٨ ،وأنتج سلطة سياسية ومالية فاسدة ،خربت البلد وراكمت عليه الديون الداخلية والخارجية، التي تجاوزت المائة مليار دولار، نصفها استهلكته العهود والحكومات المتعاقبة نهبا وهدرا على الكهرباء، والبلد برمته يغرق بالعتمة الشاملة، انه مثال صارخ على فساد الحكام في لبنان أقله منذ إتفاق الطائف، فضلا عن الإنهيارات المتتالية على غير مستوى اقتصادي ومالي واجتماعي ومعيشي وخدماتي، تنذر بوضوح بخطر حقيقي وجودي على الوطن والدولة والشعب والمؤسسات٠
رغم ما حل باللبنانيين من كوارث ومآس ومعاناة كبيرة، فإن هذه السلطة التي راكمت الأزمات والمشكلات والضغوط على الشعب، وأذلته وأفقرته وجوعته وشردته وهجرته، قضت ما يقارب ال ١٣ شهرا في السجالات والمماحكات والخلافات الشكلية حينا والفعلية احيانا، وفي “صراع الديكة” من اجل تأليف الحكومة ، على التحاصص في الحقائب والأسماء ووضع الشروط المتبادلة ،في حين كان الشعب اللبناني المسكين ولايزال يتحمل المزيد من الضغوط والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، و من رفع الاسعار والحرمان من أدنى الخدمات ومتطلبات الحياة الضرورية،ومن الاهمال في المستشفيات وكل المؤسسات العامة والخاصة، ومن طوابير الذل والهوان على محطات الوقود والمصارف والصيدليات والافران ومحال الصيرفة،ومكونات هذه السلطة تبحث عن “جنس الملائكة “وعن حجم الحصة والارباح في كل صغيرة وكبيرة في هذا البلد، ولم ترتو او تشبع، أو تكبح جماح شهوتها إلى السلطة، من خلال اية وسيلة وبأية طريقة، وهي على إستعداد لمحاربة “طواحين الهواء “،وكل من و ما يعرقل مشاريعها السلطوية والمالية والاقتصادية ،حتى وصل بها الأمر، إلى إعادة النظر بالقانون الانتخابي المشوه الذي فصلته على قياسها من بوابة، نص حق إقتراع المغتربين اللبنانيين في الخارج، وانتخاب ستة نواب يمثلون ملايين المغتربين في القارات الست مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، وهو فعليا بين الزعماء الطائفيين والمذهيين ،وهو اساسا لا قيمة له ولامعنى٠وإستكثرت على المغتربين اللبنانيين حقهم في الاقتراع الشامل كما المقيمين، وكأنهم الحلقة الاضعف، مع انهم هم الحلقة الاقوى والأكثر حرصا وارتباطا بالوطن الام على مدى ما يقارب القرن واكثر،ومن دون تحويلاتهم المالية لكان لبنان إنهار وسقط منذ زمن جراء سياسة العهود والحكومات المتعاقبة أقله منذ إتفاق الطائف، أو حتى منحه الاستقلال في العام ١٩٤٣ ،أي منذ تكون هذا النظام السياسي الطائفي والمذهبي والسلطوي والتحاصصي والزعائمي، الذي ولدت هذه العهود والحكومات من رحمه المشوه والفاسد والقائم، على الثنائيات والثلاثيات الطائفية والمذهبية وما تلاها من منظومات سياسية قديمة ومستجدة دخلت على خط المشاركة في السلطة وتقاسمها ونهب مقدرات الدولة ومؤسساتها واجهزتها وسلطاتها، والسطو على اموال المودعين من اللبنانيين المقيمين والمغتربين في المصارف بتواطؤ وشراكة و”خسة”٠إن
ارقام التحويلات المالية للمغتربين إلى الوطن والشعب، هي التي تتكلم عن نفسها وتخرس من سرق وهدر وفسد من ومن افقر شعبه وجوعه وأذله، ولا زال ممعنا في نهجه الإفسادي والإستبدادي ٠
ايها الحكام ،انكشف زيفكم وسقطت وعودكم الكاذبة، ولستم اهلا لمواصلة نهجكم التدميري، فلا تقتربوا من حق المغتربين في المشاركة بالحياة الوطنية والسياسية ترشحا واقتراعا، وفق الانظمة والقوانين المرعية، ولن يكون المغتربون مكسر عصا لترقصوا عليها.
وفي المحصلة النهائية لا سبيل إلا العمل نحو التغيير الديمقراطي والتحضير لمواجهة قوى السلطة في الانتخابات القادمة في آذار القادم.
* ناشط