عن عمر يناهز 103 أعوام توفيت في ولاية واشنطن آخر متحدثة معروفة بلغة الكلالام التي سعت الحكومة الاميركية يوما إلى التخلص منها قبل تمويل جهود للحفاظ عليها. وبوفاة هيزيل سامسون يتم تسجيل اندثار ثقافة شعب كامل ، إذ أن سامسون كانت آخر من يتكلم لغة الـ “كلالام”، وهي إحدى لغات الهنود الحمر التي كانت منتشرة ذات يوم في ما يعرف اليوم بالولايات المتحدة الأميركية وكندا.
وحسب زعيم قبيلة الـ “كلالام” رون آلن فإن هيزيل سامسون تعلمت لغة القبيلة من والديها قبل أن تتعلم الإنكليزية، ومن ثم أسهمت الراحلة في نشر أول قاموس للغة المندثرة بمساعدة عدد من مسني القبيلة وتحت إشراف عالم اللغويات في جامعة نورث تكساس تيموثي مونتلر. يذكر أن الجهود التي بذلتها السطات الأميركية جاءت ابتداء من عام 1990 بعد اعتماد قانون اللغات الأميركية الأصلية، وذلك بعد قرون من محاولات القضاء على لغات سكان البلاد الأصليين، ابتداء من تخوم القرن الـ 18، وذلك بإجبار أطفالهم على تعلم اللغة الإنكليزية.
ولم تحظ معاناة الهنود الحمر التاريخية بالاهتمام من قبل النخبة في الولايات المتحدة، بما فيها النخبة السينمائية، التي كانت تتجاهل القضايا المتعلقة بهذه الشريحة من المجتمع ، بل على العكس، كانت هوليوود تصور الهنود الحمر على أنهم أشباه بشر وقساة في تعاملهم مع الآخر. ظل الأمر على ما هو عليه إلى أن قام الممثل الشهير مارلون بارندو بخطوة جريئة وفريدة من نوعها، حين رفض استلام جائزة الأوسكار التي منحت له في عام 1973 عن دوره في فيلم “العراب”، لتصعد إلى المنصة سيدة من سكان البلاد الأصليين وتعبر عن موقف النجم الكبير المناهض لسياسة هوليوود إزاء الهنود الحمر، وهو ما تقبله كثير من الحضور في قاعة الاحتفال بالدهشة والاستهجان.
واستمر تجاهل السينما الأميركية للهنود الحمر إلى أن عرض فيلم “الرقص مع الذئاب” في عام 1990، ليسلط الضوء على جانب إنساني كانت غالبية الأميركيين تجهله، إذ نجح مخرج الفيلم وبطله ومنتجه أيضا كيفين كوستنر بنقل صورة جديدة للعالم عن الأميركيين الأصليين. وحقق الفيلم نجاحا عالميا باهرا وحصد 7 جوائز أوسكار بينها جائزة أفضل فيلم، بالإضافة إلى العديد من الجوائز العالمية المهمة في مجال الفن السابع. لكن وبعد كل هذا النجاح، يظل “الرقص مع الذئاب” حتى الآن الفيلم الوحيد الذي أنصف الهنود الحمر وأعاد لهم شيئا من اعتبارهم.
رويترزـ وكالات