فجأة وبدون سابق إنذار خرجت القوات المسلحة المصرية وأعلنت عن جهاز «عجائبي» يشفي الايدز وفيروس إلتهاب الكبد «سي». الإعلام المصري الذي أحيانا يفقد صوابه حين يتعلق الأمر بالقوات المسلحة والجيش إعتبر ان الجهاز هذا هو معجزة ويمنح الأمل للملايين المصابين بهذين المرضين، ولا يتوقف الامر عن هذا الحد، فالجهاز يشفي المريض خلال 16 يوما ويمكنه إكتشاف المرض خلال دقائق.
وعرضت وسائل الاعلام فيديو مصور لطبيب يخضع احد المصابين بالايدز للفحوصات ثم يقول له «فحوصاتك رائعة، كنت مصابا بالأيدز لكنك شفيت».
والجهاز هذا هو «2 بواحد» يشفي الأيدز كليا ويقضي على فايروس التهاب الكبد، ومع ذلك فانه لن يتم تصديره ولن يتم «مشاركته» مع اي دولة وذلك «لحمايته من التلاعب ومن السوق السوداء». حتى ان بعض وسائل الاعلام قالت انه يشفي إنفلونزا الطيور أيضا!
لكن مستشار الشؤون العلمية للرئيس المؤقت لم يترك الأمر يمر مرور الكرام، فقال ان الإختراع هو «فضيحة علمية» لمصر، ليأتيه الرد مباشرة من نائب مصري مؤيد للجيش يصف تصريحاته «بالمثيرة للإشمئزاز».
وكان الجيش المصري قد عقد مؤتمرا صحفيا السبت، بحضور منصور ووزير الدفاع المشير عبدالفتاح السيسي، أعلن فيه عن ما وصفه بـ”أحدث المبتكرات العلمية والبحثية المصرية لصالح البشرية والمتمثلة في اختراع أول نظام علاجي في العالم لاكتشاف وعلاج فيروسات الإيدز، كما يمكنه القضاء على فيروس سي بتكلفة أقل من مثيله الأجنبي بعشرات المرات وبنسبة نجاح تجاوزت 90 في المائة.”
وبحسب ما ذكرته الصفحة الرسمية للناطق باسم الجيش فإن الجهاز يكشف عن المصابين بفيروسي سي والإيدز “بدون الحاجة إلى آخذ عينة من دم المريض والحصول على نتائج فورية وبأقل تكلفة، وقد سجلت براءات الاختراع لها باسم رجال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية.”
وتناقل الناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي تسجيل فيديو لأحد كبار الضباط وهو يتحدث عن الجهاز قائلا إنه قادر على “تفتيت” الإيدز، مضيفا أن الجهاز يأخذ الفيروس من جسم المريض ثم يعيد تقديمه إياه لتغذيته على شكل “أصبع كفتة” وفق تعبير الضابط.
ونقلت صحيفة “الوطن” المصرية عن عصام حجي، المستشار العلمي لمنصور، قوله إن الاختراع “غير مقنع وليس له أي أساس علمي واضح من واقع العرض التوضيحي للجهاز، الذى أذيع فى القنوات التليفزيونية،” إضافة إلى أن البحث الخاص بالابتكار لم ينشر في أي دوريات علمية مرموقة.”
وتابع حجي بالقول إن ما ذكر “يسيء لصورة الدولة، وستكون له نتائج عكسية في البحث العلمي،” محذرا من استغلال الإعلان من أجل “الإساءة لصورة مصر دولياً”، وأكد أنه بعد عودته الأسبوع المقبل من الولايات المتحدة التي يزورها حالياً، سيلتقي بمنصور والسيسي “لمناقشة ما حدث بشكل علمي.”
ولكن يبدو أن الانتقادات التي وجهها حجي للجهاز لم تعجب النائب السابق محمد أبوحامد، المعروف بتأييده للقوات المسلحة، إذ غرد على حسابه بموقع تويترقائلا: “أتعجب من التصريحات العدائية لعصام حجي المستشار العلمي المؤقت للرئيس المؤقت المقيم بأمريكا و التي انتقد فيها العرض التوضيحي لاختراع الجيش.. يجب على الرئيس عدلي منصور أن يراجع مواقف مستشاريه بعد أن أصبحت تصريحاتهم و مواقفهم تثير اشمئزاز الشعب و تعبر عن سوء نيه متعمدة.”
من جانبه، هاجم الإعلامي عمرو أديب طريقة تغطية الخبر بالقول إن الإعلام فهم الموضوع بشكل خاطئ، وأن الإعلان هو عن جهاز لكشف الفيروس، واصفا الحديث عن التوصل إلى علاج للإيدز والفيروس سي بأنه “وهم وبلاهة،” وانتقد الاعتماد المفرط على الجيش والدعم القادم من دول الخليج.
يذكر أن اسم الجهاز الجديد، وهو “كومبليت كيورينغ ديفايس” كان بدوره مادة للتندر، إذ أنه يختصر على شكل “سي سي دي” بطريقة قد تحمل دلالة على اسم المشير السيسي نفسه. والبعض سخر من شكله خصوصا وأنه يشبه الأجهزة التي يتم إستعمالها للكشف عن القنابل وهي كما الجميع يعلم لا جدوى منها، حتى ان بعض وصفه بـ «الجهاز الذي لا يكشف القنابل لشفاء الايدز.. بوم بوم بوم لقد شفيت».
إنها بروباغندا إعلامية من أسوأ الأنواع حتى إثبات العكس، التلاعب بآمال عشرات الاف المرضى المصريين والتعامل مع الشعب بشكل عام وكأنه «غبي» ويمكن إقناعه بأي شيء طالما كلمة السيسي او القوات المسلحة تمر بين السطور.