في خضم كل الأزمات التي تمر بها البلاد تم تمرير قانون الإيجار الذي لم تتجرأ أي حكومة سابقة «منتخبة» على تمريره لما يترتب عليه من عواقب إقتصادية وإجتماعية وخيمة، الا ان الحكومة «غير المنتخبة» قامت بتمرير القانون بمادة واحدة. فلا كانت التفجيرات التي تعيث بلبنان خرابا الهم الاول، ولا الأوضاع الإقتصادية المتردية ولا اقرار سلسلة الرتب والرواتب ولا حل اي من مشاكل الفساد او الامن او الغلاء المعيشي الخيالي او اي شيء اخر من ملايين المشاكل التي يعيشها لبنان كانت الأولوية.. فقط قانون الإيجار كان الهم الاكبر الذي توجب تمريره.
النتيجة الحتمية لهذا القانون هو تشرد مئات الاف العائلات بالدرجة الاولى خصوصا وان هؤلاء لن يتمكنوا من دفع الإيجارات بصيغتها الحالية والتي وصلت الى مستويات قياسية خلال السنوات الماضية، وبالدرجة الثانية من المؤكد ان تملك شقة خارج الحسابات لان الحكومة العتيدة مررت القانون في الفترة التي وصلت فيه أسعار الشقق في لبنان الى مستويات خيالية، فالشقة التي كانت قبل أعوام تقدر على سبيل المثال قيمتها بـ 40 الف دولار، اصبحت اليوم قيمتها في الحد الادنى 100 ألف دولار.
أما الصندوق الذي تم الحديث عن تأسيسه فالجميع في لبنان يعلم، والتجربة أثبتت هذه النظرية من سنوات وسنوات، ان مهمة كل صندوق يتم تأسيسه هي تسهيل عمليات السرقة والنهب وتعزيز ثراء الطبقة الحاكمة واصحاب المشاريع الكبرى على حساب بقية الشعب الذي يزداد فقرا عاما تلو الاخر.
فما هو هذا القانون؟
وضع قانون الايجارات الذي اقرته الهيئة النيابية العامة في مادة وحيدة، بعد سنوات من الجدل، المستأجر والمالك أمام تحديات جديدة. ويشمل القانون عقود إيجار العقارات المبنية السكنية المعقودة قبل 23 تموز 1992. وجاء في المادة 15 من القانون أنه تمدد لغاية 9 سنوات عقود الإيجار على أن يدفع المستأجر قيمة بدل المثل تدريجياً، مضافة إلى قيمة الإيجار.
وينصّ القانون على انه وبعد إعادة تقييم المأجور بالإستعانة بخبير يضاف 15% من القيمة الجديدة على البدل القديم وذلك عن كل سنة من السنوات التمديدية الأربعة الأول و 20% على السنتين الخامسة والسادسة، على أن يكون بدل الإيجار في السنوات السابعة والثامنة والتاسعة مساوياً للبدل الذي تم تحديده رضاءً او قضاءً على أن يصبح الإيجار حراً بدءاً من السنة التاسعة. وقد تم إنشاء صندوق خاص للإيجارات السكنية المشمولة بهذا القانون لتقديم المساعدات كلية أو جزئية للمستأجرين الذين لا يتجاوز دخلهم الشهري ثلاثة أضعاف الحد الأدنى للأجور.
و الفارق بين البدل الحالي وبدل المثل هو الزيادة التي تلحظ الحق على بدلات الايجارات الحالية. هذه الزيادة موزعة على 6 سنوات وفق نسبة 15 في المئة كل عام من الاربع سنوات الاولى وتراكميا، و20 في المئة على كل واحد من العامين الخامس والسادس. وبعملية حسابية تكون اعباء النتيجة في الفارق بين بدلين: الحالي وبدل المثل، فيما لو كان البدل الحالي 200 دولار، مثلا، وبدل المثل 3000 دولار، كما يأتي: 3000 ناقص 200 يساوي 2800 دولار، قيمة الـ 15 في المئة منها البالغة 420 دولارا، تضاف الى 200 دولار للبدل الحالي في السنة الاولى ، فيصبح بدل الايجار الحالي 620 دولاراً. وفي السنة الثانية تضاف 15 في المئة على الـ 620 دولارا ليصبح البدل 620 زائدا 420 ليصبح 1040 دولاراً، وهكذا دوليك حتى بداية السنة الربعة. اما في السنة الخامسة فيصبح البدل 2440 دولارا مضافة اليه نسبة 20 في المئة، وفي الخامسة تضاف اليه نسبة الـ 20 في المئة ليصبح بدل المثل 3000 دولار. وتتغير هذه الارقام صعودا اذا ارتفع ثمن مبيع العقارات.
تحركات مطالبة برد القانون
منذ اليوم الأول للاعلان عن تمرير القانون خرج «تجمع تجمع المستأجرين في لبنان» الى الشارع مطالبين رئيس الجمهورية ميشال سليمان برد قانون الايجارات لاعادة درسه في اللجان النيابية كاشفين انهم أعدوا دراسة قانونية شاملة عن هذا القانون.
وطالبوا بالاستماع الى جميع الاعتراضات والاقتراحات قبل الموافقة على القانون. وبعد تجمعين دعا التجمع الى الاعتصام والتظاهر في جميع المناطق، بدءا باجتماع يعقد عند الرابعة والنصف من بعد ظهر يوم الاثنين في الاتحاد الوطني للنقابات العمالية في وطى المصيطبة-منطقة الكولا، ثم اعتصام يوم الثلاثاء عند الرابعة بعد الظهر في شارع الحمراء ويليه عند السابعة مساء اجتماع تحضيري للتحرك في طرابلس شارع الثقافة في مجمع التوجيه شارع التوجيه.
من جهته إعتبر رئيس الإتحاد العمالي العام غسان غصن أن “مشروع قانون الإيجارات الجديد عبارة عن طرد للمستأجر من منزله لأنه يسكن فيه ويعيش فيه”. وفي حديث تلفزيوني أشار إلى “أننا طالبنا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان برد القانون لمزيد من الدرس وتشكيل لجنة قانونية تعيد النظر به ضمن خطة وطنية شاملة للإسكان”. يشار الى ان 180 ألف عائلة تسكن منازل بموجب عقود الإيجارات القديمة، أي ما يعادل 80 ألف مواطن، الأقليّة منهم ميسورة الحال ويمكنها بعد مرور السنوات الست شراء منزل أو استئجار منزل آخر، فيما غالبيتهم متقاعدون أو كبار في السن، ومعدومو الحال، وسيكون مصيرهم الشارع.
يستفيد من قانون الايجارات كبار المالكين باستعادة املاكهم، والشركات العقارية التي تستهدف عقارات بيروت وضواحيها، والمصارف التي تملك كتلة نقدية ضخمة تفتش عن استثمارات لها. اما المتضررون من القانون، فهم كل اصحاب المداخيل المتدنية والمتوسطة، من خلال تفريغ بيروت. والأبنية القديمة والصغيرة التي ستوضع عليها اليد، لإقامة الابراج. وسيتم فرز المناطق ديموغرافيا، حيث يعيش الثري في المدن وابناء الطبقة الوسطى ( التي لم يعد لها وجود أصلا) والفقيرة فاما سيشردون او سيعودون الى قراهم وما يترتب على ذلك من من تغير حياة الاسر قصرا ان من ناحية العمل او الدراسة وكل ما له علاقة بالحياة الاجتماعية.