Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

تقارير تتحدث عن إخفاقات مؤسساتية سعودية وتحمل الدولة مسؤولية تفشي «ميرس»

حين أعلنت المملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي أنها اكتشفت 113 حالة إصابة جديدة بفيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) لم يكن ذلك مجرد دافع لإعادة التفكير في الخطر الذي يمثله الفيروس بل كشفا لإخفاقات مؤسساتية.ومنذ مدة وتتوالى التقارير التي تحمل الحكومة السعودية مسؤولية تفشي المرض، ان من ناحية عدم الشفافية، او من ناحية التفرد بالقرارات والتعامل مع مختبرات تستفرد بالمعلومات التي لديها عن الفيروس لانتاج لقاح يدر عليها ملايين الدولارات.

قالت مصادر بقطاع الصحة السعودية وخبراء دوليون في علم الفيروسات إن ضعف قنوات الاتصال وغياب المحاسبة في الإدارات الحكومية وضعف إشراف الدولة وعدم التعلم من أخطاء الماضي كلها عوامل معرقلة في المعركة مع الفيروس.وأضافوا أن من السابق لأوانه القول بما إذا كانت الإصلاحات التي أدخلها وزير الصحة المكلف يمكن أن تقهر ما يرونه مشاكل دفينة.

ويقول بعض كبار مسؤولي الصحة بالمملكة إنهم يقرون بأن التأخير في الإبلاغ عن حالات الإصابة   نجم عن ضعف قنوات الاتصال بين المستشفيات والمعامل والإدارات الحكومية لكنهم يؤكدون أن الأمور تحسنت كثيرا منذ تعيين وزير جديد للصحة في أبريل/ نيسان.

وأصدرت وزارة الصحة توجيهاتها “بضرورة تفعيل عدد من الإجراءات الصارمة لضمان تطبيقها على المعايير في مجال جمع البيانات والشفافية والإفصاح وذلك تحت رقابة وإشراف مركز القيادة والتحكم للتأكد من اتباع الإجراءات والنظم في الحصول على معلومات دقيقة وموثوقة وسريعة.”

وفي الأسبوع الماضي زاد القلق الدولي من أسلوب تعامل السعودية مع المرض عندما أعلنت المملكة عن زيادة بمقدار الخمس في حالات الإصابة التي سبق وأن أعلنتها وقالت إن العدد 688 مصابا وليس 575.ولا تزال المملكة تشهد حالات إصابة ووفاة  كل يوم. واكتشفت حالات أخرى خارج السعودية مع انتقال بعض المصابين بين الدول. وتجاوز عدد المتوفين في أنحاء العالم 313 مريضا.

ويشكو خبراء دوليون من فتور استجابة السلطات السعودية لعروض المساعدة بالأبحاث العلمية اللازمة لمعالجة تفشي المرض ويشككون في كفاءة عملية جمع البيانات وتداولها بما يساعد في التعرف على كيفية عمل الفيروس.

وقال طارق مدني المستشار الطبي المستقل لوزارة الصحة السعودية إن 58 حالة من حالات الإصابة المئة والثلاث عشرة التي أضيفت إلى قائمة المصابين الأسبوع الماضي سجلت كحالات إصابة مؤكدة في المستشفيات والمعامل الحكومية لكن هذه المؤسسات لم تبلغ الوزارة.

وأضاف أن الفحوص التي أجراها مستشفى الملك فيصل التخصصي في جدة أثبتت إصابة 22 شخصا آخر لكن العينات المطابقة لم ترسل إلى المعامل الحكومية ولم يبلغ المستشفى وزارة الصحة بالنتائج.

وأحجم متحدث باسم مستشفى الملك فيصل التخصصي عن التعليق وأحال كل الاستفسارات إلى وزارة الصحة مرة أخرى.وقال مدني إن اختبارات معامل خاصة أثبتت إصابة الثلاث والثلاثين حالة الباقية لكن اختبارات المعامل الحكومية أظهرت نتيجة مخالفة.

وتابع قائلا إنه لا يؤمن بأن الإعلان عن حالات إصابة أقل من العدد الفعلي كان متعمدا وأعرب عن اعتقاده بأن ذكر رقم يقل 20 في المئة عن رقم الإصابات الفعلي أمر غير مستغرب في حالات تفشي الأمراض.وقال إن هذا أمر يمكن أن يحدث في أي مكان في العالم مشيرا إلى أن النسبة لم تتجاوز الحدود “بل إنها أقل في الواقع من 20 في المئة”.

لكن إيان ماكاي أستاذ علم الفيروسات الإكلينيكية المساعد بجامعة كوينزلاند في استراليا والذي يتتبع انتشار الفيروس  منذ اكتشافه أول مرة عام 2012 أبدى استغرابه من فكرة أن الإعلان عن عدد حالات يقل 20 في المئة عن الرقم الفعلي مسألة عادية.

وقال “لم أسمع بأي معايير علمية عالمية تحدد فاصلا في أي مجموعة عنقودية فيروسية أو تفش أو وباء تجعل من العادي الإعلان عن حالات أقل منه.”

وقال مدني إن الفيروس يختفي في بعض الحالات من المرضى بشكل مؤقت لذا لا يجري رصده في الفحوص. وأضاف أن سياسة الوزارة كانت تتمثل في الأخذ بنتائج معامل الحكومة إن كان هناك اختلاف بين النتائج المعملية. وتابع قائلا إن وزير الصحة المكلف عادل فقيه ألغى تلك السياسة وإن وزارة الصحة ستأخذ في الاعتبار من الآن فصاعدا النتائج التي تؤكد وجود الفيروس أيا كانت الجهة الصادرة منها.

وقال إن تكليف فقيه أدى أيضا إلى تغييرات أخرى. فالسلطات باتت تتخذ إجراءات أشد في المستشفيات لمنع انتقال العدوى وتحاول أن تكون أكثر شفافية بشأن كيفية تعاملها مع الفيروس.

وقال خبير سعودي في الصحة العامة سبق وأن انتقد الوزارة هذا العام “بعد تغيير الوزير بات هناك تركيز على زيادة توعية الناس بسبل الوقاية. أصبحت هناك رسائل نصية تحث على غسل الأيدي وأصبح هناك إشراك أكبر للناس في الأمر.”

لكن بعض الخبراء الدوليين ما زالوا يشكون من أن البيانات التي نشرتها السلطات السعودية على الإنترنت وتشمل التحديث اليومي للإصابات والوفيات الجديدة المؤكدة ليست وافية بما يتيح سبر أغوار المرض.

على سبيل المثال قال المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها إن من غير الواضح إن كانت الحالات الجديدة التي أعلنتها السلطات السعودية تتفق وتعريف منظمة الصحة العالمية للحالات المؤكدة. وأشار المركز أيضا إلى عدم توافر تفاصيل مثل عمر ونوع المصاب ومحل سكنه والمكان المحتمل إصابته فيه ومعلومات أخرى.

وأكد متحدث باسم منظمة الصحة العالمية أن المنظمة تلقت معلومات تفصيلية تتحقق منها حاليا مع السلطات السعودية لضمان عدم إدراج نفس الحالات مرة ثانية في الإحصاء العالمي الذي تجريه المنظمة.

وقال مدني إنه يجري جمع بيانات تفصيلية عن المعلومات الديموجرافية ومحل سكن المرضى وجنسياتهم ثم يجري جمع بيانات بخصوص العوارض الإكلينيكية والمضاعفات التي حدثت للمرضى أثناء وجودهم بالمستشفيات والنتائج. وأضاف أن المسؤولين يتتبعون أيضا الاتصالات التي أجراها المصابون بالفيروس يوميا على مدى 14 يوما ويطلبون منهم التزام منازلهم بمعزل عن بقية أفراد الأسرة ويدخلونهم المستشفى إذا ظهرت عليهم الأعراض.

وقال مايكل أوسترهولم مدير مركز أبحاث الأمراض المعدية والسياسة بجامعة مينيسوتا إنه يجب توجيه التحية للسلطات السعودية لتعهدها بانتهاج أسلوب أكثر شفافية. وأضاف “من خلال التحدث إلى أناس داخل المملكة يمكنني أن أقول إن هناك شعورا جديدا جدا بالشفافية في الأسابيع القليلة الماضية.”

لكن التحديات ما زالت قائمة. وتتضح المشاكل من خلال حالة مريض يعاني مشاكل في الكلى شعر بأعراض المرض في أبريل/ نيسان في جدة وهي من الأماكن الرئيسية التي ظهر فيها الفايروس.

قال مصدر بالصحة في المدينة إن الرجل نقل من أحد المستشفيات إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي لكن الطاقم الطبي الذي كان يشرف على رعايته من قبل لم يبلغ رسميا الأطباء بمستشفى الملك فيصل بالاشتباه بأنه مصاب بالفيروس .

ومن ثم لم يتخذ العاملون بمستشفى الملك فيصل إجراءات الوقاية اللازمة وخلال أسبوع كان رئيس وحدة الرعاية المركزة وعاملون آخرون من بينهم ممرضة حامل قد أصيبوا بالفيروس. وشفيت الآن الممرضة ورئيس وحدة الرعاية المركزة.

ومثل هذه المشاكل مألوفة لأناس داخل السعودية.

وحذرت جماعات التمريض في المملكة  وزارة الصحة من مشاكل متكررة في المستشفيات ومن ضعف الإشراف الحكومي و طالبت بتطبيق إجراءات أفضل للسيطرة على انتشار العدوى -وهو شيء يقول مدني إنه جار تنفيذه الآن- وطالبت بمشرفين مستقلين على المستشفيات وخبراء في الرعاية الصحية.

والهيئة الرسمية الوحيدة التي تشرف الآن على العاملين بالرعاية الصحية هي الهيئة السعودية للتخصصات الصحية التي يرأس الوزير مجلس إدارتها. والهيئة مسؤولة وفق موقعها على الإنترنت عن التدريب وتحديد المعايير لا عن الإشراف أو تقييم الأداء.وتشرف وزارة الصحة على تنفيذ اللوائح والقواعد في المستشفيات كما أنها تدير العديد من المستشفيات بالمملكة.

وهناك مستشفيات أخرى تدار من خلال شركات خاصة معنية بالرعاية الصحية وهيئات حكومية أخرى مما يزيد من تعقيد النظام الصحي.

رويترز

إقرأ أيضا: «ميرس» يحصد أولى ضحاياه في الجزائر

Leave a comment

0.0/5

Go to Top

تقارير تتحدث عن إخفاقات مؤسساتية سعودية وتحمل الدولة مسؤولية تفشي «ميرس»