تبدأ اليوم قمة حول المناخ يستضيفها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ويحضرها ما يزيد على 120 من قادة الدول، ويؤمل منها قطع «وعود جريئة» كجزء من العمل على التوصل إلى اتفاق للأمم المتحدة، سيُوافق عليه في باريس نهاية عام 2015، ويهدف إلى الحد من الاحتباس الحراري العالمي.
وفي مناسبة هذه القمة العالمية والحاشدة وبهدف الضغط على زعماء الدول لاتخاذ قرارات تحدّ من عوامل التغيير المناخي ومواجهتها، نُظّمت تظاهرات في غير مدينة في العالم، وكانت الأكثر حشداً في نيويورك مساء أول من أمس، إذ جمعت 310 آلاف متظاهر. وشارك فيها حشد من الشخصيات العامة والوجوه الفنية، منهم بان الذي اعتمر قبعة زرقاء وارتدى قميصاً كُتب عليه «أنا أناصر التحرك لحماية المناخ»، والممثل ليوناردو دي كابريو، ونائب الرئيس الأميركي السابق آل غور، ورئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو، ووزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس، ووزيرة البيئة الفرنسية سيغولين رويال.
واليوم احتج مئات الأشخاص في مسيرة بالمنطقة المالية في مدينة نيويورك وأغلقوا الشوارع القريبة من سوق الأوراق المالية للتنديد بدور وول ستريت في جمع المال للأعمال التي تسهم في التغير المناخي. وأوقف المحتجون حركة المرور في برودواي جنوبي سوق الأوراق المالية في نيويورك. واحتلوا مربعين سكنيين تقريبا. وكان بعضهم واقفا والآخر جالسا. وجرى اعتقال اثنين بعدما حاولا عبور حاجز للشرطة.
وجاء الاحتجاج الذي سمي “اكتسحوا وول ستريت” في أعقاب يوم تحرك دولي يوم الأحد فيما قال نشطاء أنه أكبر احتجاج على الإطلاق في قضية التغير المناخي.
وكان الحشد يوم الأحد يعادل ثلاثة أمثال الرقم القياسي المسجل لهذه القضية قبل خمسة أعوام في كوبنهاجن.
ولهذا التحرك جذور في حركة احتلوا وول ستريت التي بدأت في حديقة بوسط مانهاتن عام 2011 للاحتجاج على ما سمته ممارسات مصرفية جائرة تخدم الفئة الأغنى التي تمثل واحدا في المئة تاركة وراءها 99 في المئة من سكان العالم.ويقول منظمو “اكتسحوا وول ستريت” إنهم يأملون أن ينجح تحرك اليوم في الربط بين السياسات الاقتصادية والبيئة متهمين كبار المؤسسات المالية “باستغلال المجتمعات المحلية والعمال والموارد الطبيعية” من أجل تحقيق مكاسب مالية.
وهذا الحدث جزء من أسبوع المناخ الذي يسعى لاستقطاب الاهتمام بانبعاثات الكربون وصلتها بارتفاع درجة حرارة الكوكب ويأتي عشية قمة الأمم المتحدة للمناخ والتي تعقد يوم الثلاثاء.
ورفع المتظاهرون شعارات، منها «حافظوا على أمنا الأرض»، ولافتات منددة بالطاقة الملوثة، وطالب بعضهم بوقف استخراج الغاز الصخري وآخرون بوقف النشاطات النووية. ومن اللافتات المرفوعة أيضاً «التغير المناخي يطاولنا جميعاً»، و «لنتحرك في شكل عاجل لإنقاذ كوكبنا».
وضمت التظاهرة أعداداً كبيرة من الطلاب والعائلات والنقابات والمدافعين عن البيئة، والسكان الأصليين باللباس التقليدي، واجتمعوا حول شعار «نريد أفعالاً وليس أقوالاً». وأراد المتظاهرون الضغط على المسؤولين السياسيين لاتخاذ خطوات ذات تأثير للحد من التغير المناخي، وتقديم تعهدات في هذا الشأن قبل القمة الدولية المقررة في باريس عام 2015.
وشهدت مدن أخرى في العالم تظاهرات مماثلة ولو أقل عدداً، إذ سُجل خروج عشرات الآلاف من المتظاهرين في لندن وبرلين وباريس واستوكهولم وملبورن ونيودلهي ومدريد وريو دي جانيرو. واستناداً إلى المنظمين، سُجلت 2500 تظاهرة في 158 دولة، شارك فيها 580 ألف شخص.
وفي سياق المناخ وتغيّره وعوامله وفي مناسبة القمة الأممية، صدر تقرير حول تطور هذه التغييرات، كشف أن انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في العالم «سترتفع إلى مستوى قياسي هذه السنة، مدفوعة بنمو الصين وعدم إقدام العالم على خفوضات كبيرة لازمة للحد من التغير المناخي».
وشدد تقرير «مشروع الكربون العالمي» الذي وضعته معاهد بحوث، على ضرورة «عدم استخراج أكثر من نصف احتياطات الوقود الأحفوري المؤكدة، إذا كانت الحكومات جدية في وعدها الذي قطعته عام 2010، والقاضي بعدم تجاوز متوسط ارتفاع الحرارة درجتين عن المستويات التي كانت موجودة في أزمنة ما قبل الصناعة».
وأفاد التقرير الذي نُشر في دورية «نايتشر جيوساينس»، بأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري المحترق وإنتاج الأسمنت «ستقفز بنسبة 2.5 في المئة وتسجل رقماً قياسياً جديداً عند 37 بليون طن هذه السنة». وأشار إلى أن انبعاثات الغاز الرئيس الملوث للبيئة «ارتفعت بنسبة 2.3 في المئة إلى 36.1 بليون طن عام 2013».
وكالات