أصبح بوسع رجل بولندي أصيب بالشلل من منطقة الصدر وحتى القدمين إثر تعرضه للطعن بسكين في ظهره، السير من جديد بمساعدة مشّاية، بعد خضوعه لعملية رائدة لزرع خلايا من أنفه. وتشمل التقنية الجديدة، التي وصفتها دراسة نشرت في دورية “سل ترانسبلانت” بأنها تطور مهم، زرْعَ ما يعرف بخلايا الشم في الحبل الشوكي للمريض ومد “جسر عصبي” بين فقرات عظمية تالفة.
وقال الأستاذ في معهد علم الأعصاب التابع لجامعة لندن ورئيس فريق البحث جيوفري رايزمان: “نعتقد أن هذا الإجراء يعد تطوراً مهماً سيؤدي، مع إجراء المزيد من التطوير عليه، إلى تغيير تاريخي في فرص أولئك الذين يعانون إعاقات بسبب إصابات في الحبل الشوكي”.وأصيب المريض ويدعى داريك فيديكا (38 عاماً)، بالشلل جراء تعرضه لطعنة في الظهر في العام 2010.
وقالت مؤسسة “نيكولز سبينال إنغري” الخيرية ومقرها بريطانيا، وهي شاركت في تمويل الدراسة، إن فيديكا يواصل التحسن بدرجة أكبر من المتوقع، وإنه يستطيع الآن التحرك والاعتماد على نفسه بشكل أكبر.وتعاون رايزمان المتخصص في إصابات العمود الفقري مع جراحين في مستشفى جامعة فروتسلاف في بولندا لنزع إحدى بصيلات حاسة الشم عند فيديكا وزرعها ومعها خلايا عصبية من الأنف في المنطقة المتضررة.
وقال خبراء لم يشاركوا في الدراسة بشكل مباشر، إن “نتائجها “تقدِّم أملاً جديداً”، لكنهم أكدوا “الحاجة إلى مزيد من العمل لمعرفة الأسباب وراء هذا النجاح وإخضاع المزيد من المرضى للعلاج بهذه الطريقة قبل تقييمها بشكل سليم”.
وقال جون سلادك المتخصص في الأعصاب وطب الأطفال في كلية الطب في جامعة “كولورادو” الأميركية: “على الرغم من أن الدراسة أجريت على مريض واحد، إلاّ أنها تعطي الأمل في إمكان علاج بعض الوظائف وإعادتها لمرضى الإصابات الجسيمة في الحبل الشوكي”.
بدوره، اعتبر فيديكا انه “محظوظ… نسبياً”، فيما قال أطباؤه إنهم يبحثون عن مريضين اثنين جديدين.وقال فيديكا خلال مؤتمر صحافي عقد في جامعة فروكلاف الطبية وبدا عليه التأثر، إن “حياتي انقلبت رأساً على عقب بعد الاعتداء” الذي قام خلاله زوج صديقته السابق “مدمن الكحول والمخدرات” بطعنه.
وأضاف الأطفائي السابق الأربعيني أمام الصحافيين: “لكن بعد العملية الجراحية انعكست الأمور مجدداً، ففي حياتي اليومية بت قادراً على أن أخلد إلى السرير بمفردي، وأن أرتدي ملابسي وأخلعها من دون مساعدة، وأن استقل السيارة”.
ومع أنه لا يزال بحاجة إلى علاج طويل في مركز “أكسون” لإعادة التأهيل في فوركلاف، إلا أن فيديكا يقطع في عطلة نهاية الأسبوع مساء 140 كيلومتراً وراء مقود سيارته.
وأضاف: “لم أدرك بعد كلياً ما حصل. أنا محظوظ… نسبياً”.وأعلن الطبيب بافيبل تاباكوف الذي يرأس فريق الأطباء المشرف على المريض، إنه يبحث عن مريضين آخرين لتحسين العلاج.
وقال فيديكا: “إذا قرر أحد أن يسلك الدرب نفسه، فيجب أن يمضي قدماً من دون أن يضعف، من دون النظر إلى الوراء”.وروى لوكالة “فرانس برس”: “في البداية قلت للأطباء: افعلوا ما باستطاعتكم فلا يمكن الأمور أن تكون أسوأ مما هي عليه. وبعد ذلك أدركت أن التقدم يأتي على شكل خطوات صغيرة. عرفت تقلبات كثيرة ومررت في مرحلة يأس، إلا أنني نجحت في تجاوزها”. وأضاف: “أدركت أنني قوي معنوياً”.
ا ف ب – وكالات