شاركت الجالية اللبنانية في قطر في المؤتمر الثاني للطاقات الاغترابية الذي نظمته وزارة الخارجية والمغتربين في بيروت في أواخر أيار الماضي.وكانت مناسبة ألقت خلالها الضوء على التجربة التربوية الرائدة التي تتلخص بالمدرسة اللبنانية التي تحتضن الآن مئات الطلبة اللبنانيين من أبناء الجالية اللبنانية في الدوحة، وتخرج سنوياً عشرات المتفوقين الذين يلتحقون بأهم الجامعات في لبنان وقطر والعالم.
وألقى المهندس أحمد الشيخة كلمة شرح خلالها ظروف نشأة هذه المدرسة. والمراحل التي مرت بها هذه التجربة الرائدة التي يجب تعميمها على المغتربات. كما شارك في برنامج تلفزيوني لهذه الغاية. وهنا أبرز ما جاء في كلمته:
“في نهاية العام 1975 وبداية العام 1976 ونظراً لأحداث لبنان والتعذر على أبناء الجالية اللبنانية في متابعة تحصيل دراستهم في لبنان، تطورت فكرة بين بعض أعضاء الجالية اللبنانية لإيجاد وسيلة لتعليم أبنائهم وبناتهم برامج المنهج اللبناني، والتي كانت غير متوافرة في قطر.
وإنه بمجهودهم وبرعاية سفارة لبنان في قطر، تمكنوا من تأسيس مدرسة ابتدائية لتدرس المنهج التعليمي اللبناني. وبفضل الدعم المستمر من قبل سعادة السيد عبد الله بن حمد العطية والذي يعتبر هو الركن الأساسي لهذه المدرسة. تم الترخيص للمدرسة اللبنانية في قطر في بداية العام 1976، لتطبيق منهج التدريس اللبناني، وكان ذلك بناءً على موافقة شفهية صادرة عن سعادة وزير التربية الوطنية في حينه، وبدأ التدريس مع 27 تلميذاً وتلميذة، ثم ازداد العدد في العام 1979 الى حوالى 150 تلميذاً وبعدها تم اعتماد المدرسة اللبنانية رسمياً من قبل وزارة التربية الوطنية القطرية.
في شهر كانون الثاني 1979 وجهت لجنة المدرسة اللبنانية المؤسسة كتاباً الى وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية طالبين رعاية السفارة اللبنانية للمدرسة، وقد وافق السفير في حينه سعادة السيد محمد توفيق شاتيلا على كتاب الجالية وأرسله الى معالي وزير الخارجية والمغتربين معللاً ضرورة الموافقة على طلب لجنة المدرسة، لتقوم السفارة برعايتها من دون أن تتحمل الدولة اللبنانية أي تبعات مالية حسب ما تعهد به المؤسسون، على أن تقتصر هذه الرعاية على تقديم الكفالات اللازمة للهيئة التعليمية وأن يكون السفير رئيساً فخرياً لهذه اللجنة المؤسسة. وقد أجابت وزارة الخارجية والمغتربين في حينه بكتابها رقم 222/11 والصادر بتاريخ 22 آذار 1976 بأنها لا ترى مانعاً من رعاية السفارة للمدرسة اللبنانية.
من أجل تحديد الإطار التعاوني بين لجنة المؤسسين والسفارة في قطر، صدر تعميم من وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية (مديرية المنظمات الدولية والمؤتمرات والعلاقات العامة رقم 11/10/341 بتاريخ 25/4/1988) وسُجل في السفارة اللبنانية في قطر تحت رقم 336 والوارد بتاريخ 9/8/1988، متضمناً تعليمات هامة حول تنظيم عمل المدارس اللبنانية في الاغتراب، كما تتناول الأصول والمبادئ الواجب اتباعها في سير هذه المدارس، وأول هذه المبادئ أن تتولى السفارة اللبنانية كامل مهام وزارة التربية الوطينة بالإشراف والمراقبة المحددة في القوانين والانظمة المتعلقة بتنظيم المدارس الخاصة العاملة في لبنان، وذلك لاعتبار المدرسة اللبنانية في قطر كواحدة من المدارس الخاصة العاملة في لبنان من دون أي تدخل للدولة اللبنانية الممثلة في السفارة اللبنانية في شؤونها المادية أو الإدارية واللوجستية.
مقر المدرسة
عند تأسيس المدرسة اللبنانية كان المقر كناية عن منزل متواضع تم استئجاره لهذه الغاية، وحين أصبح عدد التلامذة أكثر من 50 تلميذاً، تم استئجار مبنى يتسع لحوالى 200 تلميذ حتى العام 1988، ثم انتقل المقر الى مبنى أكثر اتساعاً تم استئجاره، وكان عدد التلامذة في حينه قد تجاوز الـ300 تلميذ وتحولت المدرسة التي كانت ابتدائية فقط الى مدرسة ابتدائية وإعدادية، ليتم لاحقاً في عام 1993 تطويرها الى مدرسة بكل مراجلها الحضانة والابتدائية والاعدادية والثانوية.
بقيت هذه المدرسة بشكلها المتواضع وفي بناء مستأجر، وفي سنة 1991 وبعد سعي حثيث من سعادة السيد عبد الله بن حمد العطية خصصت دولة قطر قطعة أرض بمساحة 25 ألف متر مربع لبناء المدرسة اللبنانية، وفي العام 2002 تكرّم سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بتغطية كلفة البناء اللازمة وشكلت لجنة الصداقة القطرية – اللبنانية برئاسة سعادة عبد الله بن حمد العطية نائب رئيس الوزراء ووزير الطاقة في حينه، لتنفيذ المشروع، وكان لي شخصياً شرف ترأس اللجنة الفنية التي قامت بوضع التصاميم لبناء المقر الحديث ليتسع لـ900 تلميذ يليق باسم المدرسة اللبنانية واسم لبنان، ولولا جهود سعادة عبد الله بن حمد العطية، لما استطعنا إنشاء هذه المدرسة الحديثة وإن أبناء الجالية اللبنانية في قطر يقدرون الجهود التي بذلها ولا يزال يقدمها سعادته الى أبناء الجالية اللبنانية في قطر على مختلف انتماءاتهم.
ولله الحمد، تم الانتقال الى المقر الجديد في سبتمبر سنة 2004 وتم تشكيل مجلس الأمناء ومنذ عام 2008 وبعد أن ازداد عدد أبناء الجالية اللبنانية وازدادت طلبات الانتساب للمدرسة بتنفيذ عدة توسعات، مما جعل قدرة استيعاب المدرسة الحالية لحوالى 2200 طالباً وهو عدد التلامذة المسجلين للعام الدراسي القادم، موزعين على 90 فصلاً دراسياً إضافة الى 7 مختبرات مجهزة تجهيزاً حديثاً وقاعة احتفالات واسعة وملاعب رياضة خضراء. علماً أنه يوجد على قائمة الانتظار حوالى 700 طلب انتساب للبنانيين لم تتمكن المدرسة من استيعابهم للعام القادم.
ويخطط مجلس الأمناء حالياً بدعم من سعادة رئيس مجلس الأمناء من أجل بناء ملحق جديد للمدرسة اللبنانية لاستيعاب 1000 طالب إضافي.
التمويل
بما أن المدرسة اللبنانية هي مؤسسة غير ربحية ومعظم التمويل في السابق كان يأتي بداية من المؤسيسن ثم تطور الى التقديمات والدعم المالي من قبل الأخوة القطريين وبعض المؤسسات اللبنانية، بحيث أصبحت أقساطها في متناول أبناء الجالية اللبنانية، وأي وفر يستغل في تطوير تقنيات التعليم والوسائل التلقينية الحديثة.
مستوى المدرسة الأكاديمي:
1 – تجدر الإشارة بأن النظام التعليمي والوسائل التلقينية والتجهيزات الحديثة متوفرة بشكل كامل في جميع الاختصاصات من مختبرات حديثة وأنظمة كمبيوتر متطورة وعصرية توفر لطلابها كل وسائل التواصل العلمي الحديث.
2 – نظراً للتطور الجيد في إدارة المدرسة ومناهجها التعليمية اللبنانية وتسهيلاً للطلبة تمت ابتداءً من سنة 2011 الموافقة من قبل وزارة التربية الوطنية اللبنانية، على أن تجرى الامتحانات الرسمية الإعدادية والثانوية داخل السفارة اللبنانية في قطر متزامنة مع الامتحانات الرسمية في لبنان، وبإشراف لجنة متخصصة تنتدبها وزارة التربية الوطنية اللبنانية لهذه الغاية.
3 – استطاعت المدرسة ببرامجها اللبنانية المتطورة والحديثة أن توفر المجال لخريجيها لمتابعة تحصيلهم الجامعي في الجامعات اللبنانية والأميركية والفرنسية، حيث بلغت نسبة النجاح في الامتحانات الرسمية من 96 بالمئة الى 100 بالمئة، وباستطاعة أي خريج أن يتقدم الى الامتحانات الرسمية اللبنانية والبكالوريا الفرنسية، وأخيراً وبدءاً من السنة القادمة تمت الموافقة من قبل American Accreditation لكل الشهادات التي تصدرها المدرسة اللبنانية والذي يمكن لخريجها من الالتحاق بأي جامعة أميركية من دون أي سنة تحضيرية.
4 – وجب التنويه بخريجي المدرسة اللبنانية في قطر حيث ان 5 من خريجيها مؤخراً كانوا الأوائل بامتيازات في الجامعات الاميركية في مؤسسة قطرة التعليمية Qatar Foundation، وهي جامعات George Town و Texass & M، كل هذا كان بفضل المنهج اللبناني المتطور بأعمدته اللغوية الثلاثة (عربية، فرنسية، إنجليزية)، كما كان ولا يزال تميزاً للمدرسة اللبنانية عن غيرها في قطر.
لماذا المدرسة اللبنانية؟
بعد خبرتنا وممارستنا في مجلس الأمناء وقبله مجلس الإدارة وقبله اللجنة الإدارية المؤسسة نستطيع أن نؤكد أن المدرسة اللبنانية في الاغتراب هي حاجة وضرورة وواجب.
* حاجة:
لتعليم التلميذ اللبناني التمسك بوطنه الأم وعاداته وتقاليده وثقافته وليحافظ على لغته العربية الأم بعيداً عن التشنجات السياسية أو الدينية أو المذهبية.
* ضرورة:
ليدرس المنهج اللبناني حتى إذا ما عاد الطالب الى وطنه لن يشعر أنه غريب عنه.
* واجب:
واجب من منطلق الشعور بالوطنية والتميز.
– وأود في هذه المناسبة أن أشير الى أن المدرسة اللبنانية التي هي حاجة وضرورة وواجب كما ذكرت، قامت على أربعة أسس متلازمة:
* أولاً: الابتعاد عن الانتماءات الدينية والمذهبية والسياسية.
* ثانياً: نخبة مؤسسة من أبناء الجالية الفاعلين والذين يضمنون بقاءها بعطائهم وجهدهم وعملهم التطوعي.
* ثالثاً: دعم ورعاية من قبل السفارة اللبنانية لهذا الفريق المؤسس ومن خلفها دعم ورعاية وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية.
* رابعاً: دعم المسؤولين في بلد الاغتراب في حالتنا الحاضرة (دولة قطر وسعادة عبد الله بن حمد العطية.
* مجلس الأمناء:
إن مجلس أمناء المدرسة اللبنانية في قطر مؤلف من 11 عضواً من أصحاب الاختصاص في مجالات الهندسة والقانون والإدارة والمالية وكل عضو يقوم بمسؤولياته ويقدم خدماته الفعلية المجانية المحددة (المسؤول المالي، المسؤول القانوني، أمين السر والعضو المنتدب…).
إن مجلس الأمناء وإدارة المدرسة اللبنانية على استعداد للمساعدة والمساهمة في تقديم المشورة من أجل إنجاح أي مشروع مماثل لمدرسة لبنانية في أي دولة كانت، كما أنهم على استعداد لاستضافة أي فريق أو لجنة من أي دولة كي يطلعوا على النظام الداخلي وبرامج المدرسة ومنهاجها وأسلوبها والتعاون الوثيق بين مجلس الأمناء وإدارة المدرسة وجهازها الأكاديمي وكيفية تطبيق كل هذا بسلاسة ويسر.
وشكراً لإصغائكم…
عشتم وعاش لبنان وعاشت قطر…