ودبع فارس : زيارة البطريرك الماروني لاي بلد او رعية مميزة ومهمة دائما ، لاسيما في بلاد الانتشار.
مديرة مكتب مونتريال – منى حسن
لم تكن زيارة بطريرك أنطاكيا وسائرِ المشرق للكنيسة السُريانية المارونية، الكاردينال بشارة بطرس الراعي الى المقاطعات الكندية عادية بل استثنائية بأمتياز ،حيث التقى خلال جولته الرعوية ابناء الجالية اللبنانية وعددا من المسؤولين الرسميين في كندا كما ترأس الاجتماع السنوي للاساقفة الموارنة في بلاد الاغتراب، اضافة الى برنامج حافل من النشاطات واللقاءات في المقاطعات الكندية .
واستهل البطريرك الراعي جولته من الشرق الكندي، من عاصمة مقاطعة” نوفا سكوشا”، هاليفاكس حيث وصلها في طائرة خاصة وضعها في تصرفه رجل الأعمال انطوان الصحناوي وكان في استقباله في صالون الشرف راعي ابرشية الموارنة في مونتريال المطران بول مروان ثابت والقنصل العام الفخري في هاليفاكس وديع فارس وعدد كبير من كبير الجالية اللبنانين في هاليقاكس بعدها جرى حفل إزاحة خلاله الستار عن تمثال “المغترب اللبناني “على الواجهة البحرية لهاليفاكس، وأحيى قداساً عن راحة أنفس ضحايا حادثة غرق سفينة الـ”تيتانيك” عام 1912، وبينهم لبنانيون، كما زار كنيسة سيدة لبنان الجديدة في هاليفاكس التي هي قيد الإنشاء وقام بتكريسها.
مروان ثابت
وقال راعي ابرشية الموارنة في مونتريال المطران مروان تابت: “هذه الزيارة لها رمزية خاصة حيث ان ابناء الجالية هنا هم من الرعيل الاول الذين غادروا لبنان، مرتبطون ببلدهم ويتابعون اخباره ويزورونه باستمرار ، لان لبنان ما زال ينبض في قلبهم ووجدانهم وهذا الصيف لم نستطيع القيام باي نشاط في مونتريال لان الاغلبية من ابناء الجالية كانوا في زيارة وطنهم الام ، اما الرمزية على الصعيد الوطني هي ان غبطة البطريرك سيلتقي مع العديد من المسؤولين الكنديين” .
أضاف: “البطريرك الماروني هو الركن الاساسي الذي تدور حوله الكنيسة وهو حسب القانون الكنسي يزور رعاياه كل خمس سنوات ، ومهم جدا ان يلتقي رأس الكنيسة ابنائه عن قرب ويستمع الى همومهم وشجونهم، وحيث البطريرك هنالك الكنيسة”.
وأكد تابت ان “الجميع في كندا من انباء الجالية ، تواقون الى لقاء صاحب الغبطة ويعملون على انجاح الزيارة من مختلف الطوائف والاحزاب اللبنانية”.
ونوه “بالدور الذي تقوم به كل من السفارة اللبنانية في اوتاوا والقنصلية العامة في مونتريال والقنصلية الفخرية في هاليفاكس وتورنتو لاعطاء هذه الزيارة حقها”.
وقال : “لبنان بحاجة الى كل واحد منا من اجل دعم بقاء هذا الوطن وتحصين لبنان من الاوضاع التي يمر بها في هذه الايام، وهنا لا بد من توجيه دعوة ابوية صادقة لكل السياسيين في لبنان من اجل التفاهم والالتقاء على مصلحة لبنان فقط لا غير، والعمل على تشكيل حكومة جديدة في اقرب وقت قادرة على مساعدة اللبنانيين للخروج من المحن والصعاب التي يعيشونها. التحديات كبيرة ولم يعد باستطاعة لبنان تحملها لاسيما موضوع النازحين السوريين واليد العاملة السورية التي تؤثر على اللبنانيين في عملهم، لذا علينا كلبنانيين جميعا ان نكون يدا واحدة من اجل بقاء لبنان واللبنانيين فيه، وهذا اذا ما حصل له ارتدادات ايجابية لا سلبية على المغترب اللبناني” .
وجدد تابت “الشكر لدولة كندا على ما تقدمه للبنان دولة وشعبا من مساعدات للكثير من المشاريع، ولما تقدمه لابناء الجالية اللبنانية”.
وديع فارس
وشكر القنصل الفخري في هاليفاكس وديع فارس “البلد الذي حضن اللبنانيين وقدم لهم فرص العمل دون ان ننسى الظروف التي اوصلتنا الى الغربة بعد القرار الذي اتخذه اجدادنا للابتعاد عن وطنهم والذهاب الى المجهول متكبدين الصعوبات والمشقات، فهؤلاء هم الابطال الذين عملوا واسسوا لنا من اجل تحقيق ما حققناه في بلاد الاغتراب ، لذا علينا الا ننسى هذه الوقائع التي هي مهمة جدا في حياتنا كمغتربين، لذا ان تمثال المغترب الذي سيدشنه البطريرك الراعي هو تكريم وتأكيد على دور من سبقنا ولكي تبقى ذكراهم راسخة في قلوب الاجيال، بأن هناك ابطالا تركوا وطنهم قسرا لكنهم حققوا الانجازات الكبيرة اينما حلوا”.
واشار الى ان “زيارة البطريرك الماروني لاي بلد او رعية مميزة ومهمة دائما ، لاسيما في بلاد الانتشار حيث تعكس صورة الراعي الصالح لابنائه”.
واعتبر أن “هذا التمثال في هاليفاكس له رمزية تاريخية وطنية كبيرة بالنسبة للبنانيين”، مؤكدا أن الجالية اللبنانية في هاليفاكس مميزة بمحبتها ووحدتها لبعضها البعض لا تفرقة لا سياسية ولا حزبية انتمائهم واحد للبنان وهم يدا واحدة في كل ما يقدمون به”.
وقال: “المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي تؤثر سلبا على الاغتراب اللبناني الذي يشعر مع اهله واقاربه بما يمرون به ، كما يؤثر على ما نقوم به كبعثات ديبلوماسية في حض المغتربين على تسجيل زيجاتهم في وطنهم الام للحصول على الجنسية اللبنانية. لذا نأمل ان تتحسن الامور ويعود لبنان الى مكان له راحة وامان وسلام وبحبوحة في هذا الشرق”.
وختم: “نتمنى على جميع السياسيين في لبنان ان يضعوا مصلحة لبنان فوق اي مصلحة اخرى شخصية او ذاتية من اجل نهضة وطنهم ليبقى ايماننا راسخا وقويا وكبيرا بهذا الوطن الذي نحب ونعشق”.
مقاطعة موتتريال
بعدها انتقل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي الى مقاطعة مونتريال وكانت له نشاطات مكثفة على اكثر من صعيد واستقبل في صالة كاتدرائية مار مارون في مونتريال كندا، في حضور راعي الابرشية المطران بول مروان تابت، وفودا من الاحزاب اللبنانية في مونتريال (الاشتراكي، الكتائب اللبنانية، التيار الوطني الحر، امل، المستقبل، القوات اللبنانية والوطنيين الاحرار)، رحبت به في زيارته الثانية الى كندا منذ انتخابه بطريركا، حيث استمع الى مطالبهم وهواجسهم.
وشدد البطريرك الراعي امام الوفود على “اهمية تضامن ابناء الجالية اللبنانية في بلاد الاغتراب عموما، وكندا خصوصا”، داعيا اياهم إلى “أن يبقى لبنان في قلبهم وان يبقى التواصل قائما بين لبنان المقيم ولبنان المغترب”.
ولفت إلى أن “ما يهدد لبنان هي الانقسامات الداخلية”، مؤكدا انه “من دون اتفاق الموارنة واتحادهم لا يقوم لبنان”، داعيا الى “ضرورة الابتعاد عن الانقسامات والخلافات القائمة في لبنان وعدم نقل هذه الخلافات الى الخارج، كما دعاهم الى تعزيز الحوار بين بعضهم والحفاظ على ميزة لبنان في العيش معا.
وجدد البطريرك الراعي خلال كلمة ألقاها خلال العشاء الذي أقامته رعية مار مارون في مونتريال كندا على شرفه، النداء الى المسؤولين في لبنان وبخاصة الى الجماعة السياسية والكتل والى رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية، وقال: «كفى عقداً، آن الأوان لتشكيل الحكومة لأن لبنان لم يعُد يحتمل لا اقتصادياً ولا مالياً، لأنه اصبح على شفير الهاوية، لذلك ليس مسموحاً لهم التسلية وكل واحد لديه مطالبه، فليس الوقت اليوم للمطالب بل الوقت الأساسي هو لحماية الوطن».
واعتبر «أن مشكلتنا وأزمتنا الحقيقية اليوم بعدم تأليف حكومة حتى الأن، وأننا نضع الولاء للحزب والزعيم والمصالح في الاولوية ونضع جانباً الولاء للمواطنة»، داعياً المسؤولين الى «العودة الى الأصول فعندما نضع الولاء للمواطنة عندها تحلّ كل القضايا». وأردف: «لذلك لا يمكننا ان نقبل بأي ثنائيات، لا يمكننا أن نقبل بهذه الاغنية التي ينشدها بعض السياسيين وبعض الفئات اي المثالثة لان هذا اذا ما حصل يعني اننا نقضي على لبنان».
واذ شدد على «ضرورة أن يكون في لبنان أحزاب سياسية»، دعا كل الأحزاب اللبنانية إلى «تنشئة مناصريها ومحازبيها على الولاء للوطن وليس فقط للحزب ولرئيسه»، معتبراً أنه «عندما تكون التنشئة للوطن عندها نلتقي جميعاً».
وكان الراعي التقى بالشبيبة المارونية التي تعقد مؤتمرها في كندا، والتي عبرت له عن مدى أهمية التواصل مع الكنيسة الام، والحفاظ على الهوية والجذور الايمانية والمشرقية والتاريخية، كما عرضت له شؤونها وشجونها، وأبرزها حول منح الام اللبنانية الجنسية لأبنائها، وتحديات الديموغرافيا، ووسائل البشارة من دون خوف من الآخر المختلف.
من جهة ثانية، حضّ الراعي الشبيبة، «ان تحمي هويتها وتكون عنصراً فعالاً في المجتمع الذي قدم الفرصة لأهلنا ولنا»، ودعاها كي تعطي كندا، «المجتمع الذي أعطاها الكثير، وتساعده بالقيم الروحية والدينية والاجتماعية». وفي الختام، قدمت الشبيبة المارونية للراعي هدايا تذكارية، لمؤتمرهم، عربون محبة وتقدير.
بعد ذلك، ترأس البطريرك الراعي قداساً في كاتدرائية مار مارون في مونتريال على نية الشبيبة، بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة شدّد فيها على «أهمية التعلق بالقيم الروحية في حياتنا وبتعاليم السيد المسيح»، لافتاً الى «ان الكنيسة الحجرية تجمع الكنيسة البشرية». ودعا الى «ضرورة أن نشهد في حياتنا الاجتماعية والعائلية لتعاليم يسوع المخلص»..
ومساء رعى الراعي الاحتفال الفني الذي أقيم للشبيبة في باحة كنيسة سيدة لبنان في مونتريال.
وأنهى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ، زيارته الرعوية الى مونتريال في كندا، حيث توجّه الى تورنتو المحطة الأخيرة،من جولته الرعوية .